وكان خلفه أعرابيّ قال: إن لم يذهب نوح أرسل أحدا مكانه وخلّصنا من هذا.
وصلّى الهادي «١» الفجر بالناس فقرأ: عَمَّ يَتَساءَلُونَ
فلمّا بلغ إلى قوله: أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهادًا
أرتج عليه «٢» فردّد مِهادًا
، ولم يجرؤ أحد أن يردّ عليه لكونه أهيب الناس. فعلم فقرأ: أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ
ففتح عليه. ويعدّ هذا من محاسنه. وقيل للحجّاج بن أرطاة «٣»: مالك لا تحضر الجماعة؟ فقال:
أكره أن يزاحمني البقّالون. وخفّف أعرابي صلاته، فقام عمر إليه بالدّرّة فقال:
أعدها. فلمّا فرغ قال: هذه خير أم الأولى؟ فقال: بل الأولى، قال: لم؟
قال: لأنّ الأولى صلّيتها لله وهذه خوفا من الدّرّة. فضحك.
قال مؤذّن: حيّ على الصلاة، والناس يتبادرون إليه، فقال رجل: لو قال:
حيّ على الزكاة، ما جاء إليه أحد. وسمعت امرأة مؤذنا يؤذن بعد طلوع الشمس ويقول: الصلاة خير من النوم. فقالت: النوم خير من هذه الصلاة. ومرّ سكران بمؤذن رديء الحنجرة فجلد به الأرض يدوس بطنه، فاجتمع الناس عليه فقال: ما بي رداءة صوته «٤» ولكن شماتة اليهود والنصارى بالمسلمين. وسمعت امرأة: «صوم يوم كفّارة سنة» فصامت إلى الظهر ثم أفطرت فقالت: يكفيني كفّارة ستة أشهر. أسلم مجوسيّ فثقل عليه الصوم، فنزل إلى سرداب له وقعد يأكل، فسمع ابنه حسّه فقال: من هذا؟ فقال: أبوك الشقيّ، يأكل خبز نفسه ويفزع من الناس. وشهد أعرابيّ عند حاكم فقال المشهود عليه: أتقبل شهادته وله من المال كذا وكذا ولم يحجّ؟ قال: بل والله حججت كذا حجّة،
1 / 28