〈قال أحمد〉: فيرى أفلاطون الثلاثة الأجزاء إذا اجتمعت حدث منها السطح، وإذا علا هذه الثلاثة الأجزاء ثلاثة أخرى حدث فيها الجرم العريض الطويل العميق. ويخالف ذلك أرسطوطاليس، وزعم أن السطح لا يكون إلا من أربعة أجزاء، والجرم لا يكون إلا من ثمانية أجزاء. وذلك ما أنبأتك به من التركيب حتى بلغ هذا الجوهر القابل للاجتماع والافتراق، وحدث بعد ذلك فيه هذه الأجزاء. إن الأجزاء التى يعتقد الطبيعيون أنها لا تنقسم ولا يلحقها التجزىء بخلاف ما يعتقدون، إذ التركيب بعد التركيب بلغ به هذا المبلغ، لكن استحال أن يتصور فى أوهام هؤلاء تجزئتها معقولا، ولا محسوسا.
قال أفلاطون: فمن المثلثات المدورات التى كان منها الأجرام السماوية.
قال أحمد: إن الأجرام السماوية لما كانت متشابهة نسبوها إلى الجرم المدور، وإن أفلاطون لما رأى أن تلك النقط والأجزاء لا تكاد تحس على الانفراد، وكان الجرم المحسوس يكون من أجزاء ستة، إذ السطح من ثلاثة، ولا يكاد أن يكون المدور من هذا العدد — نسب أوائل الأجرام إلى المثلثات، ونسب الأجرام السماوية إلى الدوائر المركبة من المركبات. فمن اعتقد من تلامذة أفلاطون أن القوس الصغير من الدائرة الكبيرة خط مستو، فإنه يذهب إلى أن ضلع الدائرة مركب من ضلع مثلث؛ ومن ذهب إلى أن القوس من الدائرة لا يخلو من التقويس، وإن كان فى نهاية الصغر والدائرة فى نهاية العظم، فإنه يعتقد أن ضلع الدائرة مركب من زوايا المثلث ونضع لذلك شكلا ليكون أقرب إلى فهم الطالب. فنضع مثلث أ المركبة من الثلاثة الأجزاء فضلعها ب وزاويتها ج، فقد حدث فى ب الخط المستوى المحسوس وعدم ذلك فى ج وذكر من اعتقد تركيب ضلع الدائرة من الزوايا لا يتلاصق فى تركيب الدائرة إلا مقوسا. وقد قال أرسطالينوس الرجل الذى نقل فى العالم كون مثله القول الصواب الذى لا شك فيه، وهو أن الدائرة العظيمة كيف كان تركيبها من الضلع ومن الزاوية فقسيها الصغار خطوط مستوية بالحس مقوسة بالعقل والقوة لأن الزاوية وإن كانت نقطة لا تنقسم بالحس فهى تنقسم بالقوة والعقل.
صفحہ 204