رسائل الجاحظ

الجاحظ d. 255 AH
144

رسائل الجاحظ

رسائل الجاحظ: وهي رسائل منتقاة من كتب للجاحظ لم تنشر قبل الآن

اصناف

فبه تبدو محاسنه

وبه تبدو معايبه

من عوتب على حجابه أو هجي به : روى إسحاق الموصلي عن ابن كناسة قال: أخبرت أن هانئ بن قبيصة وفد على يزيد بن معاوية فاحتجب عنه أياما، ثم إن يزيد ركب يوما فتلقاه هانئ فقال: يا يزيد، إن الخليفة ليس بالمحتجب المختلي ولا المتطرف المنتحي، ولا الذي ينزل على الغدران والفلوات ويخلو للذات والشهوات، وقد وليت أمرنا فأقم بين أظهرنا وسهل إذننا واعمل بكتاب الله فينا، فإن كنت قد عجزت عما ههنا فاردد علينا بيعتنا لنبايع من يعمل بذلك فينا ويقيمه لنا، ثم عليك بخلواتك وصيدك وكلابك! قال: فغضب يزيد وقال: والله لولا أن أسن بالشام سنة العراق لأقمت أودك. ثم انصرف وما هاجه بشيء وأذن له ولم تتغير منزلته عنده وترك كثيرا مما كان عليه.

الموصلي قال: كان سعيد بن سلم واليا على إرمينية، فورد عليه أبو دهمان الغلابي فلم يصل إليه إلا بعد حين، فلما وصل قال وقد مثل بين السماطين: والله إني لأعرف أقواما لو علموا أن سف التراب يقيم من أود أصلابهم لجعلوه مسكة لأرماقهم، إيثارا للتنزه عن العيش الرقيق الحواشي، والله إني لبعيد الوثبة بطيء العطفة، إنه والله ما يثنيني عليك إلا مثل ما يصرفني عنك، ولأن أكون مملقا مقربا أحب إلي من أن أكون مكثرا مبعدا، والله ما نسأل عملا لا نضبطه ولا مالا إلا ونحن أكثر منه، وإن الذي صار في يدك قد كان في يد غيرك فأمسوا والله حديثا إن خيرا فخير وإن شرا فشر، فتحبب إلى عباد الله بحسن البشر ولين الحجاب فإن حب عباد الله موصول بحب الله وهم شهداء الله على خلقه وأمناؤه على من اعوج عن سبيله.

إسحاق بن إبراهيم الموصلي قال: استبطأني جعفر بن يحيى وشكا ذلك إلى أبي، فدخلت عليه - وكان شديد الحجاب - فاعتذرت إليه وأعلمته أنني أتيت إليه مرارا للسلام فحجبني نافذ غلامه. فقال لي وهو مازح: متى حجبك فنله. فأتيته بعد ذلك للسلام فحجبني، فكتبت إليه رقعة فيها:

جعلت فداءك من كل سوء

إلى حسن رأيك أشكو أناسا

يحولون بيني وبين السلام

فما إن أسلم إلا اختلاسا

وأنفذت أمرك في نافذ

نامعلوم صفحہ