وتقدر «رسائله في الأخلاق» كثيرا، ولكنها وضعت لتثقف أكثر من أن تروق، ولكن بما أنها لا تنطوي على هجو للطبيعة، «كالحكم» للمسيو دولا رشفوكول، ولا على مذهب للشك كمونتين، فإن الناس أقل إقبالا على مطالعتها مما على مطالعة هذين الكتابين المحكمين.
وقد عد تاريخه عن «هنري السابع» من الروائع، ولكنني أكون مخطئا كثيرا إذا أمكن أن يقارن بكتاب السيد دوتو المشهور.
وإليك كيف يعرب الوزير بيكن عن فكره حين الكلام عن اليهودي الدجال المعروف باركنز الذي انتحل بوقاحة اسم ملك إنكلترة، هنري الرابع، والذي شجعته على هذا دوكة برغونية، فنازع هنري السابع التاج:
ما انفكت الأرواح الشريرة تلازم الملك هنري بسحر من دوكة برغونية التي أحضرت من مثوى النفوس شبح إدوارد الرابع حتى تؤذي الملك هنري، ولما أخبرت دوكة برغونية باركنز أخذت تفكر في البقعة السماوية التي تظهر منها المذنب، فقررت أن يظهر فوق أفق أيرلندا في بدء الأمر.
ويلوح لي أن حكيمنا دوتو لا يقدم حول هذه الأسطورة غير ما يعد رفيعا فيما مضى، ولكن مع تسميته - بحق - سفسطة في أيامنا.
الرسالة الثالثة عشرة
حول مستر لوك
من المحتمل ألا يكون قد ظهر ألمعي أكثر من مستر لوك حكمة وأصولا، ولا منطقي أكثر منه دقة، ومع ذلك فإنه لم يكن رياضيا كبيرا، وهو لم يستطع قط أن يخضع لتعب الحساب ولا لجفاء الحقائق الرياضية الذي لا يقدم إلى النفس شيئا محسوسا في بدء الأمر، ولم يحدث أن أثبت إنسان أحسن مما أثبت إمكان حيازة روح هندسي من غير استعانة بعلم الهندسة، ومما حدث قبل ظهوره أن قرر فلاسفة عظام أمر الروح تقريرا إيجابيا، ولكن بما أنهم كانوا لا يعرفون شيئا عن الروح، فإن من الطبيعي أن يختلفوا كلهم رأيا.
وكان في بلاد اليونان، التي عدت مهد الفنون والأغاليط، والتي أفرط فيها بعظمة روح الإنسان وجهالته، يبرهن حول الروح كما يبرهن عندنا.
وكان اللاهوتي أنكساغورس الذي أقيم له نصب؛ لأنه علم الناس أن الشمس كانت أعظم من البلوبونيز، وأن الثلج كان أسود وأن السماوات كانت من حجر، فوكد أن النفس كانت روحا هوائيا، ولكنها خالدة مع ذلك.
نامعلوم صفحہ