وذكر صاحب السيرة " أنه صلوات الله وسلامه عليه قام يقنت على قريش، ويخصص أناسًا منهم، في مقتل حمزة وأصحابه، فأنزل الله عليه: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ﴾ ١ الآية ". ولكن مثل ما قال ﷺ: " بدأ الإسلام غريبًا، وسيعود غريبًا كما بدأ " ٢.
فإن قال قائلهم: إنهم يكفرون بالعموم، فنقول: سبحانك هذا بهتان عظيم! الذي نكفّر: الذي يشهد أن التوحيد دين الله ودين رسوله، وأن دعوة غير الله باطلة، ثم بعد هذا يكفّر أهل التوحيد، ويسميهم الخوارج، ويتبين مع أهل القبب على أهل التوحيد. ولكن نسأل الله الكريم رب العرش العظيم، أن يرينا الحق حقًا ويرزقنا اتباعه، وأن يرينا الباطل باطلًا ويرزقنا اجتنابه، ولا يجعله ملتبسًا علينا فنضل. ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي﴾ ٣ الآية.
ويكون عندك معلوما: أن أعظم المراتب وأجلّها عند الله: الدعوة إليه، التي قال الله: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ﴾ ٤ الآية، وفي الحديث: " والله، لأن يهدي الله بك رجلًا واحدًا، خير لك من حمر النعم " ٥.
ثم بعد هذا، يذكر لنا: أن عدوان الإسلام الذين ينفِّرون الناس عنه، يزعمون أننا ننكر شفاعة الرسول ﷺ، فنقول: سبحانك هذا بهتان عظيم! بل نشهد أن رسول الله ﷺ الشافع المشفع، صاحب المقام المحمود. نسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يشفّعه فينا، وأن يحشرنا تحت لوائه.
هذا اعتقادنا، وهذا الذي مشى عليه السلف الصالح،
_________
١ سورة آل عمران آية: ١٢٨.
٢ مسلم: الإيمان (١٤٥)، وابن ماجة: الفتن (٣٩٨٦)، وأحمد (٢/٣٨٩) .
٣ سورة آل عمران آية: ٣١.
٤ سورة فصلت آية: ٣٣.
٥ البخاري: المناقب (٣٧٠١)، ومسلم: فضائل الصحابة (٢٤٠٦)، وأبو داود: العلم (٣٦٦١)، وأحمد (٥/٣٣٣) .
1 / 48