تشاجر في هذا البيت فضم "الغين" وأبيت أنا إلا كسرها، وقلت له: ليس للغراب الذي يراد به الحلى من الفضيلة ما يوجب تخصيصه بالذكر وإنما الوجه بـ"غرابه- مكسور الغين - أي أنه فاز بالغريب من الحلى الذي لا نظير له فيكون جمع غريب أو غريبة، وهو مدح لأنه يدخل في كل حلى نفيس. فذكر أنه بالضم، رواه عن المعري. قال: فلما لقيت المعري أخبرته مما جرى فقال: أنا مسرور لحسن فهمك، بورك فيك! الكسر أفخم للمعنى وأمدح للفتى، فلا تروه عني إلا هكذا.
ورأيناك لما انتهيت إلى قول المعري:
(وإن يك وادينا من الشعر واحدا ... فغير خفي أثله من ثمامه)
أنكرت "الأثل" وعوضت عنه "النبت"، وهذا تصحيف؛ لأن الثمام نوع من النبت. وإنما كان يصح ما ذكرت لو كان النبت اسما واقعا على غير الثمام. وإنما يستقيم الذي قصده بذكر "الأثل"؛ لأنه قال للممدوح: "منزلة شعرك من شعري في الفضل كمنزلة "الثمام" من "الأثل"؛ لأن "الأثل" شجر قوي، و"الثمام" شجر ضعيف".
وكذلك لما وصلت إلى قول المعري:
(متى يقول صاحبي لصاحبي ... بدا الظلام موجزا فأوجز)
ذكرت أن الصواب "بدا الصباح"، وهو خطأ؛ لأنه قد ذكر الصباح في البيت الذي
1 / 58