الحمد على ما هدانا إلى صراطه المستقيم وله الشكر على ما حبانا من فقه احكام الدين القويم وصلواته الجامعة وتحياته الصادعة على من طهرنا من رجس الزبية وأنقذنا من غريق الغواية والضلالة وسلك بنا سبيل الحق المقيم محمد وآله الوارث التراث علمه الكشاف للاسرار القديم العليم بما اوحى إليه من ربه وفوق كل ذي علم وعليم بعد فمما لا يخفى ان الامام العلامة الهمام والمحقق والمدقق القمقام الفضل المحققين شيخ الاسلام الشيخ الأجل السعيد زين الدين العاملي الشهيد الثاني أعلى الله في روضات القدس له المقام علم علم لا تباريه الاعلام وهضبة فضل لا يفصح عن وصفها الكلام أرحت أنفاس فوائده ارجاء الأقطار وأحيت رشحات تحقيقاته كل قفز زلت بها كأنها الأمطار تصانيفه في صفحات الأيام غرر وكلماته في عقود السطور درر فأي قد ظفرنا من إفاداته برسائل ثمان كأنها درر ثمان هي لروضات التحقيق في عدة عدده أبواب الجنان بل ابكار أفكار وكأنها الياقوت والمرجان لم يدركها قبله انس ولا جان ولم يعرف لها رسم الا في ديوان تصانيف العلماء الأعيان فضلا عن أن يفوز بنسخه أو طبعه طلاب العلوم وأرباب الألباب والأذهان فساعدنا التوفيق على أن نحوزها في حوزة الترتيب والاجتماع ونسلكها في سلك الطبع لشدة شوق الطباع ونرجوا به النفع يوم الا يصلح المال والبنون للانتفاع ولما كان الكتاب بهذه الأبواب قليل الحجم صغير القاعدة مع أنه كثير المعنى عظيم الفائدة فعززناها من إفاداته المنيعة المنطبعة بكتابين كانا لمدينة القدس بابين فصارت تلك عشرة كاملة دورات لرشائق التحقيق شاملة وهي هذه رسائل في انفعال ماء البئر وفى من تيقن بالطهارة والحدث وشك في المتأخر وفى من أحدث في غسل الجنابة وفى صلاة الجمعة وفى صلاة المسافر وفى طلاق الحايض والغايب عن زوجته وفى الحبوة وفى ميراث الزوجة واما الكتابين المنطبعين سابقا فيها اسرار الصلاة وكشف الريبة في احكام الغيبة
صفحہ 1
هذه مجموعة من إفادات الامام الهمام العلامة لسان الفقهاء ذوي الكرامة المحقق المدقق السديد الشيخ الأجل السعيد الشهيد الثاني عامله بلطفه المجيد ره بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين الحمد لله رب العالمين وصلاته على سيدنا محمد وآله الطاهرين مسألة اختلف أصحابنا رضي الله عنهم في نجاسة البئر بمجرد ملاقاة النجاسة له كالقليل وعدمه على أقوال أشهرها بينهم بل ادعى عليه جماعة الاجماع منهم السيد أبو المكارم حمزه بن زهره في كتابه غنية النزوع وقال الشهيد في شرح الارشاد فقال كاد ان يكون اجماعا ولعله الحجة النجاسة وذهب آخرون منهم ابن أبي عقيل من المتقدمين و الشيخ جمال الدين بن المطهر من المتأخرين إلى عدم انفعاله بدون التغيير كالكثير أو كالجاري والقولان للشيخ اولهما هو المشهور من مذهبه والثاني نقله عنه جماعة وله في كتاب الحديث قول ثالث وهو انه ينجس ويجب النزح المقدر لكن لا يجب إعادة الصلاة ولاغسل مالا قاه قبل العلم بالنجاسة وله قول رابع انه لا ينجس ولكن يجب النزح تعبدا جمعا بين النصوص وفى المسألة قول خامس للشيخ أبى الحسن محمد بن محمد البصروي وهو اعتبار الكرية فيه وعدمها فان بلغ كرا لم ينجس الا بالتغيير
صفحہ 2
والا نجس بالملاقات وهذا في الحقيقة مذهب العلامة جمال الدين أيضا وان لم يصرح به لأنه اعتبر كرية الجاري في عدم انفعاله بالملاقات وما البئر في معناه بل أضعف منه فيقتضى اعتباره فيه بطريق أولي ومنشأ هذه الأقوال اختلاف الروايات عن أهل البيت عليهم السلام بعد اتفاقهم جميعا على ورود النزح له شرعا بدون التغير حتى تواترت به الاخبار عن النبي صلى الله عليه وآله ولكن ليست صريحة في النجاسة فمن ثم حملها من حكم بعدم نجاسة على الاستحباب واما الأخبار الدالة على الأقوال المذكورة فهى على أقسام أحدها ما دل على النجاسة وهي صحيحة محمد بن إسماعيل بن بزيع انه كتب إلى رجل يسأله ان يسأل أبا الحسن الرضا عليه السلام عن البئر يقطر فيها قطرات من بول أو دم ما الذي يطهرها حتى يحل الوضوء منها للصلاة فوقع عليه السلام في كتابي بخطه ينزح منها دلاء وهي في قوه طهرها بذلك وبقرينة ما تقدم وطهرها بالنزح يدل على نجاستها قبله والا لزم ايجاد الموجود أو اجتماع الأمثال وقريب منه قوله حتى يحل الوضوء منها وصحيحة علي بن يقطين قال سألت أبا الحسن موسى عليه السلام عن البئر يقع فيه الحمامة أو الدجاجة أو الفارة أو الكلب أو الهرة فقال يجزيك ان تنزح منها دلاء فان ذلك يطهرها انشاء الله تعالى والاجزاء ظاهر في الخروج عن العهدة وتطهيرها بذلك يدل على نجاستها بدونه كما تقدم وصحيحة عبد الله بن أبي يعفور عن الصادق عليه السلام قال إذا أتيت البئر وأنت جنب ولم تجدد لو أولا شيئا تعرف منه فتيمم بالصعيد الطيب فان رب الماء رب الصعيد ولا تقع في البئر ولا تفسد على القوم ماءهم أوجب التيمم بصيغة الامر المشروط بعدم الماء الطاهر فلا يكون الماء طاهرا على تقدير الوقوع والاغتسال ونهى عن الوقوع في البئر وعن افساد الماء والمفهوم من الافساد النجاسة وحمله على نجاسة تغيره بعيد لان ظاهره استناد الافساد إلى الوقوع وهو
صفحہ 3
غير مغير لحالتها وللزوم تأخر البيان عن وقت الحاجة وثانيها ما دل على عدمها وهي صحيحة محمد بن إسماعيل بن بزيع أيضا قال كتبت إلى رجل أسأله ان يسأل أبا الحسن الرضا عليه السلام فقال ماء البئر واسع لا يفسده شئ الا ان يتغير ريحه أو طعمه فينزح حتى يذهب الريح ويطيب الطعم لان له مادة وهذه الرواية أقوى حجج القائلين بالطهارة لحكمه عليه السلام على الماء بالسعة ويفهم منها عدم الانفعال بالملاقات ونفى افساد شئ له وهو عام لأنه نكرة في سياق النفي واشتمالها على الحصر المستفاد من الاستثناء في سياق النفي ووجود التعليل بالمادة والمعلل مقدم على غيره ولدلالتها على المراد نصا وللاكتفاء مع تغيره بمزيل التغير ولو كان نجسا ويوجب نزح ما قدر لكان مع تغير المقدر يوجب نزح أكثر الامرين من المقدر وما يزيل التغير والا فلا يعقل الاكتفاء بزوال التغير لو حصل قبل استيفاء المقدر ولو فرض كون النجاسة المغيرة لا مقدر لها لم يتم الاكتفاء أيضا بمزيل التغير لان الحق وجوب نزح الجميع لما لا نص فيه بدون التغير فكيف معه وهذا كله لا يجامع القول بالنجاسة ولا يصح مع تأويل الافساد بما أول به القائل بها وحسنه علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن بئر ماء وقع فيها زبيل من عذره رطبه أو يابسه أو زبيل من سرجين أيصلح الوضوء منها قال لا بأس والمراد من العذرة والسرجين النجس لان الفقيه لا يسأل عن ملاقاة الطاهر وان سلم فترك الاستفصال في العذرة دليل استواء الطاهرة والنجسة في الحكم باعتبار الوقوع ورواية حماد عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا يغسل الثوب ولا تعاد الصلاة مما وقع في البئر الا ان ينتن فان أنتن غسل الثوب وأعاد الصلاة ونزحت البئر وصحيحة معوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام في الفارة تقع في البئر فيتوضى الرجل منها ويصلى وهو لا يعلم أيعيد الصلاة ويغسل ثوبه قال لا يعيد الصلاة ولا يغسل الثوب وقريب منها رواية أبان بن
صفحہ 4
عثمان عنه عليه السلام ورواية عيينة عنه عليه السلام ورواية يعقوب بن عيثم عنه عليه السلام وهذه الروايات الأخيرة حجة الشيخ في كتابي الاخبار على نجاسته وعدم وجوب إعادة الصلاة وتطهير الثوب منها قبل العلم بحالها وحجة البصروي رواية الحسن بن صالح الثوري عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا كان الماء في الزكي كرا لم ينجسه شئ والمراد من الزكي الأبار لغة وعرفا واعلم أن الروايات التي استدل بها الشيخ على عدم الإعادة ظاهرة في الطهارة عاضدة لما دل عليها منها والحكم بالنجاسة مع عدم وجوب إعادة الطهارة وغسل الثوب الذي باشرها مخالف لأصول المذهب فهذا القول ساقط و كذا لاخر من حيث الاستدلال بالخبر فان طريقه ضعيف لحسن بن صالح فإنه زيدي تبرى نعم يمكن الاحتجاج له بعموم قوله عليه السلام إذا بلغ كرا لم ينجسه شئ فإنه متفق على معناه وعلى العمل بمفهومه وتحمل اخبار النجاسة على ما لا يبلغ منه الكر واخبار الطهارة على ما بلغ منه كرا جمعا وبقرينه قوله في صحيح ابن بزيع ماء البئر واسع الخ وهذا طريق حسن في الاستدلال لم يذكروه ولعله أقوى من الجانبين لولا ما نقرره بعد ذلك وقد نسب هذا القول إلى البصروي وكانه عندهم مختص به مع أنه لازم لكل من اعتبر كرية الجاري وحكم بعدم نجاسة البئر بالملاقات فان دليل اعتبار كرية الجاري وارد هنا وأيضا اعتباره في الجاري يدل على اعتباره في البئر بطريق أولي لان كثير الجاري لا ينفعل بالملاقات اجماعا وكثير البئر مختلف فيه فيكون أضعف منه فإذا حكم بانفعال قليل الجاري بالملاقات لزم القول بانفعال البئر بطريق أولي مضافا إلى ما دل عليه من الاخبار المتناول لهما ولغيرهما من افراد المياه و ح فيكون قول البصروي قولا للعلامة ولمن قال بمقالته في المسلمين وهو واضح وان لم يصرحوا به فبقى الكلام في القولين المتقابلين وقد اورد كل من الفريقين على حجة الأخر مناقضات ومعارضات
صفحہ 5
نحن نشير إليها مع ما يرد عليها فنقول إما أصحاب القول المشهور فقد أجابوا عن الحديث الأول من أحاديث الطهارة بأنه مكاتبة يضعف عن الدلالة وبعدم التصريح بان المجيب الامام وبان المراد بالفساد المنفى فساد الكل دون الفساد الكلى إذ لا يفسد فسادا يوجب التعطيل كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم المؤمن لا يخبث أي لا يصير في نفسه خبثا وكقول الرضا عليه السلام ماء الحمام لا يخبث مع أنه يجوز ان تعرض له النجاسة وهذا وإن كان خلاف الظاهر الا ان فيه جمعا بين الاخبار وعن الخبرين الآخرين بان البئر يقع على النابعة والغدير فلعل السؤال عن بئر ماؤها محقون فيكون الأخبار الدالة على وجوب نزح البئر عن أعيان المنزوحات مختصة بالنابعة ويكون هذا متناولا لغيرها مما هو محقون وعن الثاني بالخصوص بان العذرة والسرقين أعم من النجسين فلا يدل على الخاص وبان السؤال وقع عن وقوع الزبيل المشتملة عليهما وذلك لا يستلزم اصابتهما الماء وانما المتحقق إصابة الزبيل خاصة وبامكان ان يراد لا بأس ينزح الخمسين وعن الثالث بان حماد الراوي عن معاوية مقول بالاشتراك على جماعة منهم الثقة وغيره فلعله غير الثقة وبأنه يدل بضيقه ما العامة فيما لا يعقل فيكون الترجيح لجانب الأحاديث الدالة على أعيان المتروحات تقديما للخاص على العام ولمعارضة الأخبار الكثيرة لها وأكثر هذه الأجوبة للمحقق في المعتبر وفيه نظر إما الأول فلان المكاتبة معمول بها وظاهر الضمير عوده إلى الامام لأنه أقرب هذا ما يتعلق بالحديث المتنازع مع أن الشيخ في زيادات التهذيب روى عن محمد بن بزيع في الصحيح عن الرضا عليه السلام قال ماء البئر واسع لا يفسده شئ الا ان يتغير وهذه حجة قويه لا يرد عليها شئ مما ذكر إذ ليس فيها تعرض للمكاتبة ولكنه لم يذكر فيه التعليل بان له مادة وأمره سهل بالنسبة إلى البئر وإن كان ينفع في أمر اخر وأبلغ منه ما رواه الشيخ في الاستبصار عن محمد بن بزيع في الصحيح أيضا عن الرضا عليه السلام أيضا صريحا قال ماء البئر واسع لا ينجسه شئ
صفحہ 6
الا ان يتغير ريحه أو طعمه فينزح حتى يذهب الريح ويطيب الطعم لان له مادة فانى بلفظ الحديث السابق أجمع وزاد تحقيق الرواية عن الرضا عليه السلام من غير مكاتبة ولا يقدح في ذلك كون الاستبصار منحصرا في روايات التهذيب المتعارضة كما هو الظاهر من حاله والباعث لتصنيفه كما أشار إليه في خطبته لان ذلك لا يبلغ حد اللزوم على وجه يتطرق القدح فيما صرح فيه بالمتن الواضح والسند الصحيح فلعله حققه من محل اخر فان الطرق لم تنحصر في التهذيب ولو قدح مثل ذلك فيه لادى إلى الطعن على الشيخ رحمه الله وحاشاه من ذلك وكثير إما يتفق لي تصحيح بعض طرق التهذيب من الكافي للكليني مع تقدمه عليه وغفلة الشيخ في التهذيب عن مراعاة الطريق الصحيح السابق عليه فتفطن لذلك وبقى الكلام على الحديث من جهة قوله لا يفسده شئ فان الافساد أعم من النجاسة إذ المراد به خروجه عن حد الانتفاع به سواء كان بسبب النجاسة أم غيرها لكن الظاهر المتبادر كون المراد به هنا النجاسة بدلا له المقام وقرينة قوله إن لا يتغير طعمه أو ريحه فان تغيره كذلك انما يوجب فساده من جهة النجاسة كما لا يخفى وبهذا يندفع تأويل القايلين بالنجاسة بان المراد فساده بسبب ثوران الحماءة ونحوه من حيث إنه أعم من النجاسة لعدم صحة الاستثناء لان التغيير في أحد الأوصاف لا يقتضى فساده مطلقا ولكان التعليل بالمادة ضايعا وكذا ما قيل من أن المراد بالفساد فساد الكل وهو مستند إلى التغير ولا يلزم منه عدم استناد الفساد الكلى إلى الملاقاة لان ذلك مع كونه خلاف الظاهر متاف للتعليل بالمادة مع أن الذي يفسد بالملاقات كلي على ما ذكروه يوجب فساده مطلقا قبل النزح ونجاسته على كل حال وانما يرن؟
إلى الطهر بالنزح وكذا بما غيره فان المطهر له عندهم هو مزيل التغير أو أكثر الامرين أو ما شاكلهما على اختلاف الأقوال وكيف كان فالفساد ابتداء للجميع وبعد نزح ما يعتبر فيه يطهر الباقي ولو قيل إن نزح المعتبر ح قد يأتي على الجميع قلنا فكذلك في غير ما يوجب
صفحہ 7
التغيير فان منه جملة يوجب نزح الجميع من غير تغيير وقد اطلقه فدل على فساد هذا التأويل ومثله قولهم إن المراد لا يفسده فسادا يوجب التعطيل فان هذا مع كونه خلاف الظاهر ينتقض بما ذكرناه فان التعطيل لا يتحقق مع التغيير وقد يتحقق مع عدمه وبالجملة فالقدح المعتبر في هذا الحديث انما كان من احتمال انقطاعه حيث لم يصرح فيه بان القائل الامام وحيث ثبت ذلك صار دليلا قويا على الطهارة بغير اشكال وثبوته على الوجه الذي قررناه لم يتفطن إليه أحد من الأصحاب قبل يومنا هذا فلله الحمد والمنة واعلم أن بعد تحقيق صحته واتصاله يستفاد منه فايدة جليلة من قوله لان له مادة وهي جعل المادة علة لعدم انفعاله بدون التغيير وقد تحقق في الأصول ان العلة المنصوصة يتعدى إلى كل ما تحقق فيه العلة و ح فيلزم عنه ان الماء النابع مطلقا لا ينجس الا بالتغيير لان له مادة فيكون حجة للقول المشهور بين الأصحاب من عدم اعتبار الكرية في الجاري من حيث المادة ويكون هذا الحديث مخصصا أو مقيدا لقوله عليه السلام إذا بلغ الماء كرا لم ينجسه شئ الشامل للجاري الدال بمفهومه على تنجيس ما دون الكر وهذه حجة قوية على ذلك لم يذكرها أحد منهم وانما أسندوا إلى أدلة واهية لا يثبت مطلوبهم واصلا قد نبهنا عليها في مواضعها منها قولهم إن النص ورد على نفى البأس بالبول في الجاري والنهى عنه في الراكد ولا يخفى عليك عدم دلالة ذلك على عدم النجاسة لوجوه أحدها ان نفى البأس المراد به نفى التحريم لان ذلك هو المعنى الصالح من معانيه هنا ومقتضاه ان الفعل المذكور لا يحرم سواء حصلت النجاسة أم لا وثانيها ان الجاري قد ينجس بالبول كما لو كان قليلا جدا والبول متغيرا بحيث يتغير الماء به وقد لا ينجس والراكد قد ينجس أيضا به على تقدير قلته وقد لا ينجس على تقدير كثرته فاطلاق النهى عنه والاذن في الأخر ليس للنجاسة وعدمها والا لزم التفصيل وثالثها انه ورد أيضا النهى عن البول في الماء مطلقا وقد حملوه على اطلاقه و
صفحہ 8
وحكموا بتأكد الكراهة في الواقف وثبوت أصل الكراهة في الجاري من غير تأكيد جمعا وهذا لا يطابق ما عللوا به من النجاسة وعدمها ورابعها ان هذا الحكم ظاهر في أحكام الخلوة ولاتعرض له إلى حكم النجاسة وعدمها بوجه كما لا يخفى وخامسها ان النهى لو كان للنجاسة لزم النهى عن تنجيس الانسان ملكه أو المباح خصوصا إذا كان ذلك لضرورة أو غرض صحيح وهذا لا دليل عليه والاخبار لا تدل على زيادة عن آداب الخلوة كما ذكرناه واضعف من ذلك استدلوا به على عدم نجاسة الجاري بالملاقات من قولهم إن التعليل بالجريان يشعر بالعلية وان النجاسة لا تستقر في الجاري إلى غير ذلك مما لا يجوز تأسيس الأحكام الشرعية به نعم هذا الحديث المعلل بالمادة صحيح الدلالة على ذلك و لكن لم يتفطن إليه أحد منهم قبل يومنا هذا فيما علمت وبما تحقق لي صرت إلى القول بمضمونه في الامرين معا فالحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ولنرجع إلى القول في بقية أدلة الطهارة فاما الحديث الثاني فلا يخفى ما في تلك الاعتراضات من التكلف والحامل لهم على ذلك دفع المنافاة بينه وبين اخبار النجاسة وحيث قد حققنا القول بالطهارة بالحديث الأول صار غيره عاضدا وشاهدا فلا يضر القدح فيه ونقول هنا قولهم إنهما أعم من النجس فلا يدل على الخاص قلنا بل يدل من حيث اطلاقهما الشامل للنجس وجواب الامام برفع البأس مطلقا والا لاستفصل وبان الظاهر السؤال عن النجس لان علي بن جعفر فقيه لا يسأل عن ملاقاة الطاهر ولا عما يحتمله ولان الظاهر من العذرة عذرة الانسان النجسة كما نص عليه أهل اللغة في وجه تسميتها ودلالة العرف عليه وقريب منه الجواب عن كون السؤال وقع عن إصابة الزبيل خاصة فان مثل هذا الرجل الجليل لا يسأل عن وقوع الزبيل مجردا عن إصابة النجاسة وحمل البئر المطلق شرعا على النابع المخصوص على المصنع عدول عن الظاهر بغير دليل وابعد
صفحہ 9
وابعد من الجميع التأويل الأخر فان فيه تأخير البيان عن وقت الخطاب بل الحاجة لان السائل يريد بالجواب ما يحكم به على الواقع ويعتقده ويعمل بمضمونه حيث كان واقعا ويفتى به غيره واما الحديث الثالث فالقدح فيه باشتراك حماد جيد مع أن الظاهر الغالب على الظن ان المراد به حماد بن عيسى أو حماد بن عثمان لأنهما كثيرا ما يروى عنهما ويرويان عن معوية بن عمار ومن شاركهما في الاسم واختص بالضعف قليل الرواية جدا الا ان أصل القدح لا يزول بهذا واما قولهم في مرجوحيتها باشتمالها على ما العامة فيما لا يعقل ودلالة اخبار النجاسة على أعيان المنزوحات والخاص مقدم فسنورده عليك جملة ما في الروايات الدالة على أعيان المنزوحات على وجه يرتفع ترجيحها بل صلاحيتها للدلالة رأسا مع ما في هذه من الدلالة نصا وإفادة الحصر المستفاد من الاستثناء مع اعتضاد الجميع بالأصل الاستصحاب وعموم الأدلة الدالة على طهورية مطلق الماء وان تخصصت بموارد فان ذلك غير قادح في العموم بالنسبة إلى الباقي وبمساواة البئر بالنسبة إلى النبع وغير ذلك من الاعتبار بقى للقائلين بالطهارة أدلة أخرى واعتبار طنيتهم على مذهبهم مدخوله منها قولهم إنه لو نجست البئر بالملاقات لما طهرت والتالي ظاهر البطلان بيان الملازمة ان الدلو والرساد وجوانب البئر ينجس بالملاقات أي بملاقات ماء النجس ونجاستها مانعة من حصول الطهارة في الماء بالنزح لدوام ملاقاتها وكذا المتساقط من الدلو حال النزح خصوصا الدلو الأخر وجوابه ان هذا كله مغتفر بالنص الدال على طهرها مطلقا بالنزح وقد صرح به القائلون بالنجاسة ووافقهم القائلون بالطهارة على مثل هذا الحكم في انية الخمر وغطائها وفى آلات العصير العنبي بعد ذهاب ثلثيه مع اتفاقهم على عدم ظهور نص على حكمه وعللوه بأنه لولا الحكم بطهارتها لما أمكن الحكم بطهارة العصير وعدوا الحكم إلى ثياب المباشر ومزاوليه فهلا حكموا هنا بذلك مع دلالة ظاهر النصوص
صفحہ 10
الكثيرة عليه ومنها انه لو نجست البئر بالملاقات لكان وقوع الكر في الماء المصاحب للنجاسة موجبا لنجاسة جميع الماء والتالي ظاهر البطلان لان الملاقى للنجاسة إذا لم يتغير بها قبل وقوعه محكوم بطهارته فيمتنع نجاسة بغير منجس وللاستصحاب بيان الملازمة ان نجاسة ماء البئر بملاقاة النجاسة يقتضى نجاسة الماء الواقع لاستحالة ان يكون بعض الماء الواحد طاهرا وبعضه نجسا مع عدم التغيير وجوابه ان النجاسة ان استهلكت قبل وصول الماء إلى البئر ارتفع حكمها برأسها ولم تؤثر في البئر ح وان بقيت عينها كما هو ظاهر كلامهم فبوقوع الكر في البئر يتحد الماء ان ويصير المجموع ماء بئر غرفا والأحكام الشرعية معلقة على الأسماء اللغوية أو العرفية كالأصل وكما لو وقع قليل من الماء الطاهر فيه وخلاف ذلك مجرد استبعاد ومنها لو انتزع من البئر مقدار كر قبل ملاقاة النجاسة لم ينجس الا بالتغير ولو بقى في البئر مأة كر مثلا نجس بالملاقات فيلزم زيادة الفرع على أصله وكون الجزء أقوى من الكل وجوابه ان ذلك غير مسموع بعد ورود النص والكر المنتزع خرج عن اسم البئر فلحقه حكم الواقف ومنها انه يجريانه من منابعه أشبه الماء فيتساويان وجوابه مع المساواة بعد فرق الشارع بينهما وهو متحقق على تقدير الحكم بالطهارة أيضا فإنه يحكم باستحباب النزح للبئر دون غيره فلم يحصل التساوي ومنها ان القول بنجاسة البئر بالملاقات دون المصنع إذا كان كثيرا مما لا يجتمعان والثاني ثابت اجماعا فينتفى الأول بيان التنافي انه لافرق بينه وبين البئر سوى المادة وهي مما تؤكد عدم نجاستها وجوابه ان ذلك كله مجرد استبعاد فلا يسمع بعد ورود النص بالفرق وتحققه بينهما باعتراف الخصم باستحباب النزح كما ذكرناه فقد تحقق الاتفاق على عدم التساوي ومنها ان النبي صلى الله عليه وآله كان يمر مع أصحابه بآبار المشركين ويأخذون منها الماء ولم ينقل عنهم انهم كانوا ينزحون منها شيئا أو يأمرهم باجتنابها وجوابه ان ذلك مع تسليمه لا يدل على علمه صلى الله
صفحہ 11
عليه وآله بوقوع النجاسة فيها وذلك كاف في عدم وجوب الاجتناب وكثيرا ما كان يعهد من شرعه وفعله صلى الله عليه وآله البناء على الأصل والاعراض عن الظن والتفحص عن هذه الأمور مع أنه يحتمل أمرا آخر والله أعلم والحق ان مجموع هذه الأمور تفيد ظن عدم الانفعال بالملاقات لا ثبوته شرعا وانما الاعتماد على النص السابق ومنها ان المسألة اجماعية قبل ظهور المخالف كما ادعاه السيد ابن زهره أو معلوم النسب كما يظهر من الشهيد رحمه الله وغيره فلا يصح احداث القول بالطهارة وان قام عليه الدليل وجوابه منع الاجماع سابقا ولاحقا ومنع حجيته على تقديره بهذا المعنى واولى منه منع حجيته ما يظهر فيه المخالف المعلوم النسب وتحقيق هذه المقدمات محقق في موضع اخر مع ما يظهر على صفحاتها من مخايل الفساد والبعد في حجيتها عن السداد وقد تقدم على دعوى السيد خلاف ابن أبي عقيل وأبى عبد الله الحسين بن عبيد الله الغضايري وتأخر عنها خلاف مفيد الدين بن جهم وتلميذه العلامة وولد السعيد فخر المحققين والمحقق الشيخ على وغيرهم واما أصحاب هذا القول فقد أجابوا عن أدلة القائلين بالنجاسة إما عن صحيحة ابن بزيع فبانها معارضة بروايته الأولى با الطهارة وإذا تعارض الخبران فأقل مراتبهما السقوط والرجوع إلى حكم الأصل وهو هنا الطهارة وبأنها مكاتبه وغاية الامر سقوطهما والرجوع إلى الأصل كذلك وعلى ما حققناه فالترجيح متحقق بالمشافهة على المكاتبة وبان الترجيح في جانب الطهارة من جهة موافقتها للأصل ودلالتها نصا بخلاف هذه فإنها تفتقر إلى تقدير محذوف وهو ما تقدم من أن ذلك طهرها وبامكان حمل الطهارة على تقديره على اللغوية وهذا وان أمكن في تأويل الفساد مع اشتراكهما في خلاف الظاهر أو المجاز الا ان الأنسب في الجملتين اختصاص الجانب المرجوح ليسلم من التناقض وقد ظهر انه في هذا الجانب واما صحيحة ابن يقطين ففيها عدم الدلالة نصا أيضا لاحتمال الأجزاء الخروج عن عهدة
صفحہ 12
الندب والتطهير لتنظيف غايته دلالتها ظاهرا والنص مقدم والأولى من ذلك أن حملها على ظاهرها لا يستقيم إما أولا فلاقتضائه الأجزاء في التطهير من جميع ما ذكر من النجاسات بنزح ثلث دلاء لأنها أقل الجمع ولا يقدح كونها جمع كثرة لان الفرق بين الجمعين غير معتبر في الاستعمال العرفي والشرعي سلمنا لكن يجب على ذلك أحد عشر ولم يقل به أحد واما ثانيا فلانه يلزم استواء الكلب والفاره في الحكم وهو فاسد وحملها على تفسخ الفارة وخروج الكلب حيا مع بعده جدا عن الاطلاق لا يوجب حمل الجمع المطلق على السبع والجمع بينه وبين النص الأخر المقيد بذلك سيأتي ما فيه ومع ذلك فهذا الحمل ليس أولي من حمله على التنظيف على الاستحباب أو التغير ونحو ذلك لاشتراك الجميع في خلاف الظاهر والجواز مراعاة للجمع فيكون ذلك هو المرجح واما القول بدلالتها على النجاسة في الجملة وان لم يعمل بظاهره فحق الا انه حيث يطرح العمل بظاهره تسقط دلالته الظاهرة ويصير تأويله أولي من ظاهره واما صحيحة ابن أبي يعفور فقالوا انه لا يتم الاحتجاج بها على النجاسة لان بدن الجنب إذا كان طاهرا كما هو المفروض والمفهوم من الحديث والمعلوم من غيره كحديث الحلبي المتضمن نزح سبع دلاء إذ نجاسة المنى توجب عند القائلين بالتنجيس نزح الجميع وبه صرحوا كلهم كيف يحكم بنجاسة الماء بمجرد الملاقاة مع أن نجاسة بدن الجنب حكمية وهمية ومثلها لا يتعدى فان الجنب إذا اغتسل في ماء قليل لم ينجس اجماعا فالبئر أولي لمكان المادة والكثرة في كثير من افراده وما يقال من أن ذلك مجرد استبعاد وان البئر قد اشمل على احكام مختلفة واتفاق حكم نجاسات متباينة وان تأثير النجاسة مرجعه إلى الشارع وقد فرضها هنا فيجوز انفعال البئر بذلك وان لم نقل بانفعال المستعمل القليل يمكن احتماله لو قوى دليل النجاسة إما بمجرد هذا فلا وحيث قد رد ما تقدم من الاخبار فلا يجوز التعلق بهذا وحده في هذا الحكم المخالف للأصل والظاهر والعقل مع أن الافساد أعم من النجاسة كما أسلفناه
صفحہ 13
وانما صرنا إلى تخصيصه ثم بالنجاسة لعارض وبقرينة قوله الا ان يتغير الخ فهذا هو الفارق بين المعنيين وهذا جواب ما يقال من أن الافساد قد ورد في الجانبين فمهما قيل به في إحديهما يقال في الأخر لظهور الفرق واما الامر بالتيمم فلا يدل على نجاسة الماء لأنه أعم منها لجواز التيمم مع وجود الماء الطاهر إذا اضطر إلى شرب حيوان محترم له والظاهر أن الامر هنا كذلك لان نزول الجنب في البئر تثير الحمائة ويغير الماء ويفسده على الشارب غالبا ولو فرض عدم حصول ذلك في بعض الأبار حملنا مورد الرواية على ذلك جمعا واما ما استدل به القائلون بالنجاسة من من حيث الاعتبار من أن البئر لو لم ينجس لم يكن للنزح فايدة فيكون عبثا والتالي ظاهر البطلان لصدوره عمن لا ينطق عن الهوى فالمقدم مثله والملازمة ظاهره ففيه منع الملازمة إذ لا يلزم من انتفاء فائدة مخصوصة انتفاؤها مطلقا ولا يلزم من عدم العلم بها عدمها ومن ثم قالوا بالاستحباب وهو فائدة والشيخ في التهذيب بأنه تعيد وبالجملة فالاخبار متعارضه والاعتبار قائم وباب التأويل متسع والرجحان على ما ظهر لنا الان في جانب الطهارة كما استفيد من مطاوي ما قررناه واعلم أنه على تقدير القول بالنجاسة يشكل القول بالطهارة بالنزح على الوجه الذي اشتهر بين الأصحاب لما اعتبرناه من عدم صحة الآثار الواردة بذلك بل عدمها أصلا في كثير منها فيلزم القول بعدم الطهارة بالنزح في غير ما اعتبر حديثه وهو قليل جدا ومع ذلك فلم يقل أحد من الأصحاب بهذا القول وهو قرينة كبيرة على عدم النجاسة وسيشير إلى جملة من المواضع التي ذكروه وقدروا لها منزوحا استنادا إلى مالا يصلح سندا فالأول ما أوجبوا به نزح الجميع وهو وقوع الخمر وغيره من المسكرات المايعة والفقاع والمنى ودم الحيض والاستحاضة والنفاس وموت البعير والثور والحال ان المنى والدماء الثلاثة لم يرد بها نص مطلقا نعم ورد في وقوع الدم نزح مقدار معين سيأتي الكلام فيه وهو شامل باطلاقه أو عمومه لها وانما الحقها الشيخ بالخمر لغلظ نجاستها وتبعه الجماعة ومثل هذا
صفحہ 14
لا يصلح لتأسيس الاحكام واما المسكر والفقاع فلم يرد به أيضا نص وانما ورد في الخمر ولكن الامر فيه سهل حيث ورد ان الفقاع خمر مجهول وان كل ما فعل فعل الخمر فهو خمر بمنزلته ومن العجيب ما علل به بعض الفضلاء حكم الدماء الثلاثة بعد اعترافه بعدم النص عليها من أنها بمنزلة المنى ومن أين أثبت حكم المنى حتى يلحق به الدماء الثلاثة وبقى الكلام في الخمر والبعير والثور إما الخمر فقد ورد فيه روايات مختلفة منها رواية الحلبي وعبد الله بن سنان ومعوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام بنزح الماء كله لكن في رواية معوية بن عمار البئر يبول فيها الصبى أو يصب فيها بول أو خمر ينزح الماء كله والأصحاب لا يعملون بذلك في بول الصبى ولا في مطلق البول وفى رواية عبد الله بن سنان فان مات فيها ثورا ونحوه أو صب فيها خمر نزح الماء كله ومر نحو الثور البقرة والبغل والدابة وهم لا يقولون بتساويها في الحكم وفى رواية الحلبي إذا سقط في البئر شئ صغير فمات فيها فانزح منها دلاء وان مات فيها بعير أو صب فيها خمر فلينزح فحكم بالاكتفاء في مطلق الحيوان الصغير بدلاء وهو يقتضى الاكتفاء بثلاثة أو أحد عشر ولا يقولونه به مطلقا كذلك فظاهر الثلاث متروك وإن كانت صحيحة ومنها رواية زرارة عنه عليه السلام قال الميت والدم والخمر ولحم الخنزير في ذلك كله واحد ينزح منه عشرون دلوا فان غلبت الريح نزحت حتى يطيب ومنها رواية كردويه عن أبي الحسن عليه السلام في البئر يقع فيها قطرة دم أو نبيذ مسكر أو بول أو خمر قال ينزح منها ثلاثون دلوا وفى التسوية بين هذه الأمور واختلاف الاخبار على هذا الوجه والاكتفاء مع التغيير بنزحها حتى يطيب مع أنه أعم من بلوغ المقدر وعدمه قرينة قوية على القول بعدم النجاسة وتأدي السند بجميع ما ورد وللشيخ ره وغيره في هذه الاختلاف تأويلات بعيدة وجمع غريب كحمل الشيخ بول الصبى ومطلق البول على المغير للبئر وجملة الأخبار الأخيرة التي لا يوجب نزح الجميع للخمر على انها خبر واحد وغير ذلك ومتى ترك الشيخ ره العمل بخبر الواحد الضعيف والمجهول
صفحہ 15
حتى يرد الخبر الواحد مطلقا كما يفعله المرتضى ومن تابعه عليه واما البعير فقد سمعت ما فيه من ايجاب نزح الجميع وروى عمر بن سعيد بن هلال قال سألت أبا جعفر عليه السلام عما يقع في البئر وفلا شيئا إلى أن قال حتى بلغت الحمار والجمل قال كر من ماء والشيخ جمع بينهما هنا بأنه إذا نزح الجميع فقد نزح الكر فعمل بالخبرين وهو عجيب واما الثور فقد عرفت ايجابه نزح الجميع فيما سلف وقد حكم الأصحاب بان البقرة وشبهها من الدواب ينزح له كر لخبر عمرو بن سعيد السابق فهو شامل للثور مع أن في دلالة الخبر على ذلك نظرا بينا وروى عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام في جملة حديث قال وما سوى ذلك مما يقع في الماء فيموت فيه فأكثره الانسان ينزح منها سبعون دلوا وأقلها العصفور ينزح منها دلو واحد وما سوى ذلك فيما بين هذين وهذا يتناول الثور وغيره ويدل على أنه لا يبلغ السبعين دلوا مع أن هذا الخبر مستند الأصحاب في موت الانسان والعصفورين المذكورين فيه وفى سنده ضعيف بجماعة الثاني حكمهم بالتراوح على البئر يوما عند تعذر نزحه أجمع وطهر ما يتخلف منه بعد ذلك واستندوا في هذا الحكم المخالف للأصل إلى رواية أحمد بن فضاله عن عمرو بن سعيد عن مصدق عن عمار في حديث طويل قال وسئل عن بئر يقع فيها كلب أو فارة أو خنزير قال تنزف كلها ثم قال عليه السلام فان غلب عليه الماء فلينزف منه يوما إلى الليل ثم يقام عليها قوم يتراوحون اثنى اثنى فينزفون يوما إلى الليل وقد طهرت ولا يخفى عليك قصور هذا الخبر عن اثبات هذا الحكم وتطهيره لما حكم بنجاسته مع ما فيه من ضعف السند واشتماله على الاحكام المخالفة تغيره من الاخبار والفتاوى وحمل مطلقه على تعيير البئر بالكلب والفاره والخنزير أبعد الثالث حكمهم بنزح كر لموت الدابة أو الحمار أو البقرة أو البقل مع أن ما عدا الحمار لم يوجد في النص وقد وجد الحمار مقرونا بالجمل فيه ولم يعملوا بظاهره هناك وادخالهم لغيره نظرا إلى ظاهر الخبر يقتضى الحاق كلما ما بين الحمار والجمل في الحكم وهم لا يقولون به مع ما في سند الحديث من الجهالة أو الضعف ولقد كان الأولى
صفحہ 16
لهم حيث يعملون بالخبر الاقتصار على الحمار على ما فيه من الاشكال الذي قررناه الرابع حكمهم بنزح سبعين لموت الانسان وقد عرفت ان مستنده ضعيف والعمل بظاهره معدول عنه مع ما فيه من الاشكال في اطلاق الانسان على ما يعم المسلم والكافر والبحث فيه خارج عن مطلوبنا الخامس ايجاب خمسين للعذرة الرطية والدم الكثير مع أن قيد الرطوبة لم يوجد في النصوص وانما الموجود في رواية عبد الله بن بحر عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام في العذرة تقع في البئر فقال ينزح منها عشر دلاء فإذ ذابت فأربعون أو خمسون دلوا وطريقه ضعيف بعبد الله بن بحر جدا ومع ذلك فمقتضاه التخيير بين الأربعين والخمسين لا تعين الخمسين ومفروضة العذرة الذايبة لا لرطبة فذكر الرطبة ليس بجيد واما الدم الكثير فلا نص عليه بخصوصه أصلا نعم في مقطوعة علي بن جعفر قال سألته عن رجل ذبح شاه فاضطربت فوقعت في بئر ماء وأوداجها تشخب دما هل يتوضى من ذلك البئر قال ينزح منها ما بين الثلثين إلى الأربعين دلوا وهذه الرواية مع كونها مقطوعة لا تدل على مطلوبهم من جهة الكثرة ولا من جهة العدد كما لا يخفى السادس حكمهم بأربعين لموت الثعلب والأرنب والخنزير والسنور والكلب وشبهه ولا دليل على هذا التقدير بخصوصه نعم في رواية علي بن أبي حمزة عن أبي عبد الله عليه السلام قال في السنور عشرون أو ثلاثون أو أربعون دلوا والكلب وشبهه ومع ذلك حال علي بن أبي حمزة مشهور وفى رواية سماعة عنه عليه السلام وإن كان سنورا أو أكبر منها نزحت منها ثلثين دلوا أو أربعين دلوا وفى الطريق؟؟؟
عيسى وسماعة وفى صحيحة زرارة ومحمد بن سالم ويريد عنهما عليهما السلام في البئر يقع فيها الدابة والفاره والكلب والخنزير والطير فيموت قال يخرج ثم ينزح من البئر دلاء ثم اشرب و توضى وقربت منها رواية الفضل عن أبي عبد الله عليه السلام ومقتضاها الاكتفاء بمسمى الدلاء وهي مع صحتها انسب بمذهب القائل بطهرها حيث اجتزء بدلاء تقع على اعداد كثيرة ولم يستفصل وجعله حكم نجاسات مختلفة في الحكم والفتوى وفى رواية عمار عنه عليه السلام
صفحہ 17
قال سأل عن بئر يقع فيها كلب أو فارة أو خنزير قال ينزح كلها وروى عبد الله بن المغيرة عن الباقر عليه السلام قال إذا مات الكلب في البئر نزحت ولاوجه لترجيح تلك الأخبار على هذه بل اللايق بطريق الشيخ ومن تبعه العكس والقول بنزح الجميع لدخول مقدر تلك في الجميع كما ذكره في غيره السابع حكمهم بالأربعين أيضا لوقوع بول الرجل مستنده رواية علي بن أبي حمزة عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن بول الصبى الفطيم فقال دلو واحد قلت بول الرجل قال ينزح منها أربعون دلوا وهذا المستند ضعيف السند كما تقدم وقد تقدمت رواية كردويه انه ينزح للبول مطلقا ثلاثون دلوا وهي أقرب سندا من هذه لان الراوي المجهول أقرب من معلوم الضعف الثامن حكمهم بنزح ثلثين لماء المطر المخالط للبول والعذرة وخرؤ الكلاب مستنده رواية كردويه الديلمي عن الكاظم عليه السلام وكردويه مجهول لا يعرف هذا الاسم في الرجال فكيف ثيبت به هذا الحكم المخالف للأصل من حيث وجوب الثلثين لهذه النجاسات التي فيها ما يوجب منفردا أزيد من هذا المقدار كالعذرة وبعض الأبوال وفيها مالا نص فيه كخرؤ الكلاب والقول بان ماء المطر أضعف حكمها جايز لو صح الخبر إما مع هذا الحال فلا التاسع ايجاب عشر للعذرة اليابسة مستنده رواية أبي بصير السابقة وفى الطريق عبد الله بن بحر وهو ضعيف مرتفع القول وفيها من جهة المتن انها تضمت ايجاب العشر لوقوع العذرة ما لم تذب وان ذابت فأربعون أو خمسون وعدم ذوبانها أعم من كونها رطبة لم تذب ويابسه ومعارضتها رواية عمار قال سئل أبو عبد الله عليه السلام عن البئر يقع فيها زبيل عذرة يابسة أو رطبة فقال لا بأس إذا كان الماء كثيرا ورواية علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن بئر وقع فيها زبيل من عذرة يابسة لو رطبة أو ذبيل من سرقين يصلح الوضوء منها فقال لا بأس والحديث حسن كما سلف العاشر ايجابها أيضا للدم القليل ومستنده مقطوعة علي بن جعفر السابقة في الدم الكثير وفيها قال وسألته عن رجل ذبح دجاجة أو جمامة فوقعت
صفحہ 18
في بئر هل يصلح ان يتوضأ منها قال ينزح منها دلاء ثم يتوضى منها وسألته عن رجل يستقى من بئر فر؟ فيها قال ينزح منها دلاء يسيره وهذه الرواية على تقدير العمل بها لا تدل على اعتبار العشر بوجه لان الدلاء اليسيرة أعم منها تصدق على الثلاث فصاعدا بل هي على الثلث أول منها على العشر لما عرفت من أن الفرق بين جمع الكثرة والقلة في مثل ذلك غير معتبر وقد صرح به الأصحاب وغيرهم في كثير من أبواب الفقه كالأقارير وغيرها وعلى تقدير تسليم العمل بمدلولها النحوي فهى جمع كثرة أقله أحد عشر فحمله على العشر غير صحيح وقد تقدم في ذلك مكاتبة ابن بزيع الصحيحة التي استدل بها على النجاسة وهي المتضمنة للسؤال عن البئر يقطر فيها قطرات بول أو دم يسقط فيها شئ من عذرة ما الذي يطهرها فوقع عليه السلام ينزح منه دلاء ومن العجيب الغريب عنا ما اتفق لجماعة من المحققين في كيفية الاستدلال قال الشيخ في التهذيب بعد نقله الحديث وجه الاستدلال من الخبر على العشر أنه قال ينزح منها وأكثر عدد يضاف إلى هذا الجمع عشرة فيجب ان تأخذ به و نصير إليه إذ لا دليل على ما دونه انتهى وهذا الكلام يعطى انه جعله جمع قلة وحمله على أكثره وكلاهما ليس بصحيح إما الأول فلان جمع القلة منحصر في اوزان أربعة مشهورة أو خمسة عند سيبويه وهذا ليس منها فهو جمع كثرة بغير اشكال واما الثاني فلانه على تقدير حمله على جمع القلة واطلاقه في الخبر يجزى الاقتصار على أقل مدلولاته وهو ثلثة كغيره من الأبواب المحاورات لا على الأكثر وقوله لا دليل على ما دونه ممنوع بل الدليل موجود على الاجتزاء بأي مرتبة أريد من هذا الجمع عملا بالاطلاق وكما لو قال له عندي دراهم فإنه يقبل تفسيره بما شاء بعد أن لا ينقص عن ثلثة ان لم نقل باطلاقه على اثنين خصوصا وقد أيده في الخبر الأول بقوله يسيره والمحقق في المعتبر اعترض كلام الشيخ بان ذلك انما يكون مع الإضافة إما مع تجريده عنهما فلا إذ لا يعلم من قوله عندي دراهم انه لم يخبر عن
صفحہ 19
زيادة عن عشره ولا إذا قال اعطه دراهم وأجاب العلامة في المنتهى بان الإضافة هنا وان لم تجر لفظا لكنها مقدره والالزم تأخير البيان عن وقت الحاجة ولابد من اضمار عدد يضاف تقديرا فيحمل على العشرة التي هي أقل ما يصلح اضافته لهذا الجمع اخذا بالمتيقن وحوالة على الأصل من براءة الذمة وفيه نظر إذ لا يلزم من عدم تقدير الإضافة هنا تأخير البيان وانما يلزم ذلك لو لم يكن له معنى بدون هذا التقدير والحال ان له معنى كسائر أمثاله من صيغ الجموع ولو سلم وجوب التقدير لم يتعين العشرة وقد عرفت فساد قوله إن أقل ما يصلح اضافته لهذا الجمع عشرة واعجب منه قول العلامة في المختلف ويمكن ان يحتج به من وجه اخر وهو ان هذا جمع كثرة وأقله ما زاد على العشرة بواحد حمل عليه عملا بالبرائة الأصلية ولا يخفى عليك ان هذا الدليل لا ينطبق على الدعوى لاستلزام وجوب أحد عشر ومدعاه الاكتفاء بعشر واعجب من ذلك قوله في المنتهى انه جمع كثرة وقال فيحمل على أقلها وهو العشرة والمعلوم عند النحاة ان أقل مراتب جمع الكثرة ما زاد على أكثر من مراتب جمع القلة بواحد وأكثر مراتب جمع القلة عشرة والحق ان هذين الخبرين دالان على الاجتزاء بثلاث دلاء ولكن الأصحاب معرضون عن العمل بذلك تبعا للشيخ رحمه الله وحيث يقال بالاستحباب فلا شبهة في تأديه بذلك إما على القول بأنه مطهر فيتوقف على تحقيق الاجماع على خلافه وعدمه ومن العجب أيضا ان الشيخ في الاستبصار لما ذكر خبر علي بن يقطين السابق الذي استدلوا به على النجاسة وفيه ان وقوع الكلب والفأرة يوجب نزح دلاء فقال إن قول دلاء جمع كثرة وهو ما زاد على العشرة فلا يمنع ان يكون المراد أربعين دلوا كما تضمنه غيره من الاخبار وهنا جعل مدلوله عشرا أو استدل عليه بأنه أكثر مدلوله الحادي عشر ايجاب سبع لموت الطير ومستنده رواية علي بن أبي حمزة عن أبي عبد الله عليه السلام قال وسألته عن الطير والدجاجة يقع في البئر قال سبع دلاء وحال على مشهور قال ابن الغضايري
صفحہ 20