قال: فتواكلنا الكلام، ثم تكلم أحدنا فقال: يا رسول الله، أنت أبرأ الناس، وقد بلغنا النكاح فجئنا لتأمرنا على بعض هذه الصدقات فنؤدى إليك كما يؤدى الناس ونصيب كما يصيبون. فسكت طويلا حتى أردنا أن نكلمه، وجعلت زينب تلمع «١» إلينا من وراء الحجاب أن لا تكلماه، قال: ثم قال: إن الصدقة لا تنبغى لآل محمد، إنما هى أوساخ الناس «٢» ادعوا لى محمية (وكان على الخمس) ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب فجاءه فقال لمحمية: أنكح هذا الغلام ابنتك للفضل بن العباس، فأنكحه، وقال لنوفل: أنكح هذا الغلام ابنتك لى، فأنكحنى، وقال لمحمية: أصدق عنهما من الخمس كذا وكذا «٣» .
فهذا- أعزك الله- وإن كان إنما فيه منع بنى هاشم من تناول الصدقة لأنها محرمة عليهم، فإن رسول الله ﷺ إنما كانت أعماله التى يستعمل عليها عماله على قسمين: إما للحرب، أو على الصدقات، فمنع رسول الله ﷺ بنى هاشم من العمل على الصدقة بنصيب العامل وهو الصحيح: أنهم لا يستعملون عليها تنزيها لهم ولبنى المطلب عن أوساخ الناس لكرامتهم، وقد كان غير واحد من فضلاء الصحابة رضى الله عنهم يعلمون أن البيت أرفع قدرا عند الله من أن يبتليهم بعمال الدنيا، منهم:
عبد الله بن عمر بن الخطاب رضى الله عنهما، لما خرج الحسين بن على رضى الله عنهما يريد العراق وقد كتب إليه شيعتهم بالبيعة وحثوه على مسيرة إليهم ليقوم بأمر الأمة، بدل يزيد بن معاوية، لحقه عبد الله على مسيرة ليلتين، وقال: أين تريد؟
قال: العراق. قال: لا تأتهم هذه. قال الحسين: هذه كتبهم وبيعتهم «٤»، فقال
1 / 61