============================================================
الباب السايع فمشاورة النفس والروح والقلبف أمور القصد الى الله تعالى قال شيخ الإسلام الأستاذ المربى المجمع على جلالته شرف الدين أبو القاسم الجنيد شيخ مشايخ أهل الحقيقة والطريقة رضى الله عنه وعنهم ونثعنا به ولهم في الدارين: اعلموا معاشر القاصدين إلى الله تعالى آنى لما هممت بالقصد إلى الله تعالى، ال ونويت الاقبال إليه والأنس به إلى الأبد من غير أن ألتفت منه إلى ما سواه، ففكرت في هذه الأمور فإذا هي أعظم الأمور قدرا وأكملها شوقا وأعلاها منزلة، وما رأيت وراء هذه الأمور أمرا، ولا فوق هذه الدرجة درجة، ولا دون هذه المراتب مرتبة، ثم إني فكرت في ما ينبغي لي أن أفعله من التهيؤ حتى اكون إلى الوصلة من المقصود أهلا، فإذا هو في صدق الانفراد به وترك حظ النفس من الدنيا، ثم من العقبى، ثم من المولى حتى اكون للفرد فردا بلا علاقة بدون الله عز وجل، ثم إن الرسول مع عقله الكامل وعلمه الراسخ وزهده الوافر وفطنته الزاهرة كان يحتاج إلسى المشاورة في جميع أاموره دينا ودنيا(1) فكيف أنا؟ الأولى بي أن أستشير في أمري هذا من يساعدني فيه إذ لا أجد من يساعدني فيه، فقلت: ما أعظم هذا الأمر وما أعزه وأجله، وعلمت أن المقصود والمطلوب كلما عظم قل فيه المساعد وقل مايكون أهلا له، ثم إني أجلست النفس والهوى مع جميع أعوانهما عن يساري، وأجلست الروح والعقل عن يميني مع جميع أعوانها وأجلست القلب مع جميع أعوانه بين يدي، ثم قلت لهم ما تقولون في الله عز وجل؟ فقالوا بأجمعهم: ربنا ورب كل شيء ومليكه ليس دونه آخر يلجأ إليه ولا سواه ملك يرتجى منه ولا غيره إله يخشى منه، أنيس المقربين وسرور المحبين وقرة (1) يبدو أن حرارة الفكرة دفعت الجنيد إلى القول بان الرسول كان يحتاج إلى المشاورة في جميع أموره دينسا ودنيا، ففي أمر الدين كان النبي المشرع الأول عن ربه جل وعلا ، وما ينطق عن الهوى اثث: إن هوإلا وخى يوحى) (النجم: الآينان 4،3]. وإن الرسول كان يستشير الصحابة في بعض الأمور مثل أسرى بدر ليعلمهم حق المشورة بين الصحابة، لكته لم يكن يسنشير في كل آموره دينا، أما ما يخف ميدان الدنيا فقد تركها النبي للاجتهاد والمشاورة فعلا، وقولته المعروفة: آنشم أعلم بشستون دنياكم تؤكد ذلك، ومن هنا رآينا ضرورة التنويه لهذه العبارة:
صفحہ 68