قلت وقد بدأت أجهش بالبكاء أيضا: «ينبغي أن تشعري بالخجل، لأنك تتحدثين هكذا إلى ابنتك.» هأنذا! وكنت أظن طوال الوقت أنها لا تدري. بالطبع لن تلوم كلير أبدا، ستلقي كل اللوم علي.
استأنفت حديثها وهي تنتحب: «لا، لست أنا من ينبغي أن تشعر بالخجل. أنا امرأة مسنة لكنني أعرف. إذا فقد رجل احترامه لفتاة فإنه لا يتزوجها.» «لو كان هذا صحيحا لما تمت زيجة واحدة في هذه البلدة.» «أنت من ضيعت فرصك.»
قلت: «لم تقولي أي كلمة من حديثك هذا طالما كان يأتي إلى هنا، ولست على استعداد لأن اسمع هذا الآن.» ثم صعدت للأعلى. لم تأت ورائي. جلست أدخن، ساعة بعد أخرى. ظللت بثيابي ولم أخلعها. سمعتها تصعد للأعلى وتأوي إلى الفراش. بعد ذلك نزلت للأسفل وشاهدت التلفاز لفترة، أخبار عن حوادث سيارات. ثم ارتديت معطفي وخرجت. •••
أملك سيارة صغيرة أهداها لي كلير العام الماضي في عيد الميلاد؛ سيارة «موريس» صغيرة. لا أستخدمها في الذهاب إلى العمل لأنه على بعد حوالي ثلاثة مربعات سكنية فحسب، وتبدو القيادة هذه المسافة القصيرة أمرا سخيفا، وكأنني أتباهى، وإن كنت أعرف أشخاصا يفعلون ذلك. ذهبت إلى المرأب وأخرجت السيارة. كانت هذه أول مرة أقودها منذ يوم الأحد الذي أخذت فيه ماما إلى تابرتاون لتزور العمة كاي في دار المسنين. أستخدمها أكثر في فصل الصيف.
نظرت إلى ساعتي واندهشت من الوقت؛ الثانية عشرة وعشرون دقيقة. شعرت برعشة ووهن بسبب الجلوس لفترة طويلة. تمنيت لو كان معي أحد تلك الأقراص التي جلبتها آلما. لقد طرأت لي فكرة الخروج، والانطلاق بالسيارة، لكنني لم أدر إلى أين أذهب. قدت في أنحاء شوارع جوبيلي ولم أر سيارة أخرى إلا سيارتي. كل المنازل تبدو مظلمة، والشوارع سوداء، والأفنية تبدو شاحبة بسبب ما تبقى فوقها من الثلج. بدا لي أن داخل كل منزل من هذه المنازل يعيش أشخاص يعلمون أمرا لا أعلمه. فهموا ما جرى، وربما كانوا يعلمون أنه سيجري، وكنت أنا الوحيدة التي لم تدر عن ذلك شيئا.
مضيت أقود إلى شارع جروف ثم إلى شارع ميني ورأيت منزله من الخلف. لا أنوار مضاءة بالداخل أيضا. درت حول المنزل كي أراه من واجهته. تساءلت، هل يضطران للتسلل إلى الدور العلوي وتشغيل التلفاز؟ لا امرأة لها مؤخرة بضخامة البيانو ستحتمل ذلك. أراهن أنه صعد بها مباشرة إلى حجرة السيدة المسنة وقال لها: «هذه السيدة ماكواري الجديدة.» وهذا ما كان وقضي الأمر.
ركنت السيارة وأنزلت زجاج النافذة. ودون أن أفكر فيما سأفعل اتكأت على بوق السيارة وأطلقته بأشد وأطول ما يمكنني أن أحتمل.
منحني الصوت حرية أن أصيح. ففعلت: «هاي، كلير ماكواري، أود أن أتحدث إليك!»
ما من إجابة. «كلير ماكواري!» صرخت في مواجهة هذا المنزل المظلم. «كلير اخرج إلي!» وأطلقت البوق، مرة ثانية وثالثة، لا أدري كم مرة. كنت أنادي صارخة أثناء ذلك. شعرت كأنني أراقب نفسي، هنا في الأسفل، تافهة للغاية، أدق بقبضتي وأصرخ وأضغط على البوق. مصابة بهياج، أفعل كل ما يخطر بذهني. كان هذا ممتعا، على نحو ما. كدت أنسى سبب فعلي ذلك وبدأت أضغط على البوق بوقع منتظم وأصيح في الوقت نفسه. «كلير، ألن تخرج أبدا؟» ورحت أنشد باسمه بصوت عال وأطلب منه الخروج. كنت أبكي وأنا أصيح، علنا في الشارع، ولم يزعجني ذلك على الإطلاق.
قال بادي شيلدز وهو يدخل رأسه من نافذة السيارة المفتوحة: «هيلين، هل تريدين إيقاظ كل من في البلدة؟» بادي شرطي وردية الليل، وكنت أدرس له في صفوف أيام الآحاد.
نامعلوم صفحہ