قال وقد أحس بجفاف فمه فجأة: أريدك لأمر آخر ...
قالت ببرودة: ما هو؟
حاول أن يمسك بكفها مرة أخرى إلا أنها تجنبت يده المعروقة، قالت وفي فمها ابتسامة ماكرة: اقنع رأسي أولا، كل شيء يبدأ من الرأس.
وخرجت، كان يسمع وقع قدميها الحافيتين وهي ترتطم بالأعشاب والحجارة، ثم أخذت تختفي تدريجيا إلى أن تلاشت، احتقر نفسه في صمت، احتقر نفسه. فجأة سمع ضحكة تخرج من عمق الكهف، ضحكة عميقة عريقة، التفت خلفه لم ير شيئا، وقبل أن يفيق من دهشته سمع صوت مرطونس يخاطبه: أنت لا تفهم في النساء، وهذا خير لك، أنت لا تفهم في الحرب، وهذا خير لك، أنت تحتاج لامرأة، وهذا خير لك.
ثم ضحك مرطونس، ثم تلاشت ضحكته، ثم صمت الكهف. النار كانت في حاجة لمزيد من الحطب الجاف. •••
الآن فقط فكر في الهرب، ولا يبدو هل لأن فلوباندو وصفته بالجبن؟ لا يدري! هل لأن الهرب أيضا يعتبر شجاعة؟ لكنه عندما تذكر سنيلا عرف أنه لن يهرب الآن على الأقل إلى أن يقنع سنيلا بالذهاب معه إلى الشرق المتحضر، نعم، كل شيء يبدأ بالرأس، سيقنعها، هنالك يعرف الناس كم هي جميلة ورائعة! وكم هي ساحرة! ويعاد لإنسانيتها الاعتبار اللائق، أجمل سيدة شقراء متوحشة في العالم، وحينها ستصبح يا سلطان تيه موضوع حسد جيلك. نعم، ستحجبك أمك، ولو، ماذا يقول عنك الصادق الكدراوي؛ أنت قليل الحيلة أمام النساء؟
انظر بماذا جئت من الدغل.
ابنة الجن ذاته، حورية ...
الآن لا يهمه أن يعرف عن صراع القبيلة مع آل جين، ولا يهمه لماذا أراد الجني العودة إلى مئات السنين ما قبل التاريخ، قرونا إلى الوراء، لا يهمه حلم القبيلة بعصر مشرق متحضر كما هو خارج الدغل مع شرط واحد: الاحتفاظ بلغتهم وعاداتهم، دياناتهم وأسمائهم أيضا، ماذا يفعلون بلغتهم، أسمائهم، وعاداتهم، ماذا تفيدهم؟
لا يهمه هل عاد الأبناء الذين أرسلهم الكواكيرو لنيل المعرفة في الشرق والعالم المتحضر.
نامعلوم صفحہ