كانت النار دافئة وشهية وهي تمتص رطوبة المكان، هتف: سنيلا ...
وعلى ضوء الأحطاب الحلو رأى طيفها، أحس بخيبة أمل، لكنه تذكر قول الصادق الكدراوي صديقه: الفحل ما عواف. سأمتع بها نفسي، إنها تحبك يا سلطان، ألقت التحية ثم جلست على الأرض وأخذت في الحديث مباشرة: لا تظن أنني جئت لأعتذر، ولا لكي أعترف، لا أتأسف على ما ترجمته خطأ لكليكما، جئت لأقول لك: لا تظن أنني أريدك لنفسي، أرغبك، فأنت لا تصلح لأية سيدة من قبيلة «لالا»؛ لأن أهم سمة تميز الرجل عن المرأة لا توجد فيك، وهي الشجاعة، وعرفت بالجبن منذ الليلة الأولى التي وجدناك فيها، فأنت لم تقاوم الأسر أبدا ولا حتى بالهرب، إذن أنت أجبن من الفأر قبل أن تؤخذ آخر أنفاسه يبدي مقاومة ولو بالرفس، لكنك استسلمت مثل جثة، لذا سخر منك القوم وأطعموك لحم الذئب كله، أي حكم عليك بعقوبة القتل الخطأ زائد الجبن، فهل بعد ذلك ترغب فتاة من «لالا» الزواج من جثة؟! لأن الجثة وحدها تستسلم بهدوء!
يا لكبرياء الجهلاء المتخلفين! كبرياء عمارات الطين!
وجئت لأقول لك إنني ترجمت خطأ لأنني أريد أن أحفظها بعيدا عنك؛ لأنها هي الأخرى لا أحد سيتزوجها، هي برصا وهو السبب ذاته الذي أعادني إليك الآن، فقبل غروب الشمس بقليل حيث تعود الأفكار للرءوس اقتنعت بأنك خير لها، فبدلا من أن تظل عذراء بقية حياتها بغير زوج لم لا تكون لك؟
رغم الإهانة التي ألحقتها به فلوباندو فإنه سر في ذاته لكون سنيلا عذراء، كاد أن يستحلف فلوباندو لتؤكد له ذلك لولا أنه خاف أن تتهمه بالعته والجنون، بالإضافة إلى الجبن وعدم الرجولة الموصوف بهما أصلا.
وجئت لأقول لك أيضا: لماذا لا تهرب الآن؟ ليس هنالك حرس يقف عند باب الكهف، لا أحد يراقبك من بين الأعشاب، فهل تهرب؟
عندما صمتت قليلا قال في هدوء: أنت غضبانة مني غضبا لا مبرر له.
قالت وهي تستعدل جلستها: أنت لا تعرف المبرر لكني أعرف، وسأقول لك بصريح العبارة: أنت جاسوس. - جاسوس ...!
هتف مندهشا.
نعم، لقد شاهدك كثير من المحاربين وأنت تحمل شيئا تنظر به نحو القرية، ورآك بعضهم تنصب شيئا على شاطئ البحيرة مرات كثيرة، واليوم أيضا، ولقد أخذني المحاربون إلى حيث كنت تفعل فعلتك وشاهدتك بأم عيني، وعندما استفسرني الكواكيرو عما تفعل قلت له كذبا إنك تترقب حركة الأطيار، وربما كنت تنظر تمساحا لا وجود له، فلا تماسيح أو أسماك بالبحيرة، لكني أعرف أنك تتجسس أو تتصل بالشرقيين.
نامعلوم صفحہ