Raising Interests and Wisdom in the Legislation of the Prophet of Mercy ﷺ
رعاية المصلحة والحكمة في تشريع نبي الرحمة ﷺ
ناشر
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
ایڈیشن نمبر
العدد ١١٦،السنة ٣٤
اشاعت کا سال
١٤٢٢هم٢٠٠٢م
اصناف
فالضروري مقدم على الحاجي عِنْد تعارضهما، والحاجي مقدم على التحسيني عِنْد التَّعَارُض.
أما إِذا كَانَت المصلحتان المتعارضتان فِي رُتْبَة وَاحِدَة كَمَا لَو كَانَ كِلَاهُمَا من الضروريات أَو الحاجيات أَو التحسينات فَينْظر، فَإِن كَانَ كل مِنْهُمَا مُتَعَلقا بكلى على حِدة جعل التَّفَاوُت بَينهَا حسب تفَاوت متعلقاتها فَيقدم الضَّرُورِيّ الْمُتَعَلّق بِحِفْظ الدّين على الضَّرُورِيّ الْمُتَعَلّق بِحِفْظ النَّفس وَهَكَذَا ...
أما إِذا كَانَت المصلحتان المتعارضتان متعلقتين بكلى وَاحِد كَالدّين أَو النَّفس أَو الْعقل فَينْظر إِلَيْهِمَا من حَيْثُ شمولهما للنَّاس فَيقدم أَعم المصلحتين شمولًا على أضيقهما فِي ذَلِك. فَيقدم مثلا الانشغال بتعليم شَرْعِي على الانشغال بِمَا وَرَاء الْفُرُوض من نوافل الْعِبَادَات، لِأَن الأول أشمل فَائِدَة من الثَّانِي١. وَمن هَذَا الْبَاب قَول الْأُصُولِيِّينَ:
أ - دفع الْمفْسدَة أولى من جلب الْمصلحَة، مِثَاله: مَا رَوَاهُ البُخَارِيّ عَن ابْن مَسْعُود ﵁ قَالَ: "كَانَ رَسُول الله ﷺ يَتَخَوَّلنَا بِالْمَوْعِظَةِ فِي الْأَيَّام مَخَافَة السَّآمَة علينا" وَترْجم لَهُ البُخَارِيّ بقوله: "بَاب مَا كَانَ النَّبِي ﷺ يتخولهم بِالْمَوْعِظَةِ وَالْعلم كي لَا ينفروا"٢ فَترك مصلحَة كَثْرَة الْوَعْظ والتعليم لدفع مفْسدَة النفور والفتور والسآمة.
ب - وَيَقُولُونَ: تتحمل أدنى المفسدتين لدفع أعظمهما، كَمَا فِي قَول الله ﷾: ﴿يَسْأَلونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ ...﴾ ٣ أَي أَن مفْسدَة صد الْمُشْركين عَن سَبِيل الله، وكفرهم بِهِ وصدهم الْمُؤمنِينَ عَن
_________
١ - انْظُر الْمرجع السَّابِق ص ٢٤٨ - ٢٥٣.
٢ - صَحِيح البُخَارِيّ ١/١٩٥ (مَعَ الْفَتْح) .
٣ - سُورَة الْبَقَرَة آيَة: ٢١٧.
1 / 245