400

رحمة للعالمين

رحمة للعالمين

ناشر

دار السلام للنشر والتوزيع

ایڈیشن نمبر

الأولى

پبلشر کا مقام

الرياض

اصناف

ففي صحيح مسلم عن عائشة: أن النبي ﷺ كان إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه وطارت القرعة لعائشة وحفصة وكان النبي ﷺ إذا كان بالليل سار مع عائشة يتحدث معها، فقالت حفصة لعائشة: ألا تركبين الليلة بعيري وأركب بعيرك فتنظرين وأنظر؟ فقالت: بلى، فركبت فجاء النبي ﷺ إلى جمل عائشة، وعليه حفصة فسلم عليها ثم سار معها، حتى نزلوا فافتقدته عائشة فغارت. فلما نزلوا جعلت رجليها بين الإذخر وتقول: يارب! سلط علي عقربا أو حية تلدغني .. ولا أستطيع أن أقول له شيئا (١).
يروى عن عائشة ﵂ أنه بينما رسول الله يرقع نعليه وأنا أغزل بالمغزل إذا بي أرى العرق يتصبب من جبينه المبارك، وينبعث منه هذا العرق نورا وضاء يتلألأ، فتحيرت من هذا المنظر فنظر إلي النبي ﷺ وقال: يا عائشة مالي أراك في حيرة فقلت يا رسول الله، رأيت العرق يتصبب من جبهة رسول الله، وبداخله نور وضاء يتلألأ، والله لو رأى أبو كبير الهذلي (٢) النبي ﷺ لعرف أن ما رأيته هو مصداق لما قاله من شعر، فقال النبي ﷺ: أي أشعار تلك فقرأت هذه الأشعار على النبي ﷺ:
ومبرئ من كل غير حيضة ... وفساد مرضعة وداء معضل
وإذا نظرت إلى أسرة وجهه ... برقت كبرق العارض المتهلل
فوضع النبي ﷺ ما كان في يده، وقبل جبهة عائشة الصديقة ﵂ وقال: ما سررت مني كسروري منك.
٣ - ومن أمثلة حب عائشة للنبي ﷺ ما قد ظهر حين نزلت آية التخيير يقول تعالى: ﴿يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا (...) وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما﴾ (سورة الأحزاب: ٢٨ - ٢٩).
أخبر النبي ﷺ بها في البداية الصديقة ﵂.
فقال: "إني ذاكر لك أمرا فلا عليك أن لا تستعجلي حتى تستأمري أبويك" فقالت حين سمعت الآية: ففي أي هذا أستأمر أبوي؟ فإني أريد الله ورسوله

(١) مسلم في فضائل الصحابة (٢/ ١٨٩٤ - ١٨٩٥ رقم ٢٤٤٥).
(٢) شاعر مشهور من شعراء الجاهلية.

1 / 406