وسبق أن ذكرنا في مقدمة هذا الكتاب أن النصرانية كانت قد وصلت إلى الجزيرة العربية بجهود النجاشي وقيصر، ولهذا وجد في الجزيرة العربية قبيل بعثة محمد ﷺ أناس استفادوا من المعلومات المتوفرة لدى علماء اليهود والنصارى، فتركوا دين الجاهلية وظلوا يخبرون الناس بأن رسولا سيظهر قريبا يغلب إبليس وجنوده، والمشتهر من بين هؤلاء الناس عثمان بن حريث، وعبيد وزيد بن عمرو، وورقة بن نوفل.
وكان زيد بن عمرو عم عمر الفاروق هو الذي خرج مسافرا بعيدا بحثا عن الرسول الموعود، وحين عرف آخر الأمر أنه سيولد في مكة، بقي ينتظره إلى أن توفي.
شهادة العالم النصراني ورقة بن نوفل على نبوة رسول الله ﷺ -:
قص النبي ﷺ، بناء على طلب خديجة ﵂، على ورقة بن نوفل حادثة نزول جبريل وكلامه، فقال ورقة على الفور: إنه الناموس الذي نزل على موسى ﵇، ياليتني كنت شابا ياليتني أكون حيا حين يخرجك القوم.
فقال رسول الله ﷺ: أومخرجي هم؟ قال ورقة: نعم. لم يأت أحد قط في هذه الدنيا بمثل هذا التعليم إلا عودي في البداية، ليتني أبقى حيا حتى الهجرة فأنصرك نصرا عظيما (١).
وبعد أيام (٢) جاء الملك فأقرأ النبي ﷺ الذي لم يتعلم القراءه والكتابة بعد، اسم الله وكلامه المبارك الذي هو مفتاح كل علم وخزانة كل حقيقه. أقرأه الروح
_________
(١) في الصحيحين عن عائشة والمشكاة [ص:٥١٤]، وقد توفي ورقة بعد هذا الحادث بعدة أيام وكان عجوزا فاقد البصر ولعل ورقة قرأ ذكر الهجرة في يسعياه باب ٤٢.
(٢) اتفق العلماء على أن ولادته ﷺ كانت في شهر ربيع الأول واتفقوا أيضا على أن بداية الوحي كانث في بداية العام الواحد والأربعين وهذا يدل على أن بداية الوحي كانت أيضا في شهر ربيع الأول ولكن يثبت من القرآن الكريم أن نزوله كان في شهر رمضان المبارك والحاصل أن بداية النزول كانت في شهر رمضان والمراد بعدة أيام الفترة التي قدرت تقريبا بستة أشهر وهي الفترة التي جاءت فيها الرؤيا الصادقة التي هي الجزء السادس والأربعون من النبوة (والجزء السادس والأربعون من عهد النبوة طوال ٢٣ سنة هو ستة أشهر) وقد روى الطبري أن تاريخ نزول القرآن كان في السابع عشر أو الثامن عشر من رمضان. ولما كان الثامن عشر من رمضان فهي السنة الأولى من النبوة يوم الجمعة الموافق للسابع عشر من أغسطس سنة ٦١٠ م فإن نزول القرآن الكريم لأول مرة كان ليلة الجمعة الثامن عشر من رمضان.
1 / 42