رحمان اور شیطان
الرحمن والشيطان: الثنوية الكونية ولاهوت التاريخ في الديانات المشرقية
اصناف
مراحل الملكوت واليوم الأخير
اكتملت سلسلة الأنبياء عند يوحنا المعمدان، كما اكتملت الأزمنة وافتتح عصر الملكوت. فالملكوت قائم الآن، كما علم يسوع في أكثر من قول له: «أما تقولون إنه يكون أربعة أشهر ثم يأتي الحصاد؟ ها أنا أقول لكم ارفعوا وانظروا الحقول إنها قد ابيضت للحصاد، والحاصد يأخذ أجره ويجمع ثمارا للحياة الأبدية» (يوحنا، 4: 35-36). ولكن لا يزال هناك وقت يفصل افتتاح الملكوت عن تحققه كاملا، وهو الوقت الذي يناضل خلاله كل من تحدوا بالمسيح قوى الشيطان، عاملين على تطوير الملكوت والوصول به إلى غايته الأخيرة: «يشبه ملكوت السموات حبة خردل أخذها إنسان وزرعها في حقله، وهي أصغر جميع البذور ولكن متى نمت فهي أكبر البقول، وتصير شجرة حتى إن طيور السماء تأتي وتتآوى في أغصانها. وقال لهم مثلا آخر: يشبه ملكوت السموات خميرة أخذتها امرأة وخبأتها في ثلاثة أكيال دقيق حتى اختمر الجميع» متي 13: 31-33.
هذه الفترة الوسيطة من تنامي الملكوت، تمتد فترة غير محددة عقب موت وقيامة يسوع، وتنتهي بالمجيء الثاني في اليوم الأخير. لقد ظهر الابن في مجيئه الأول على هيئة إنسان هو يسوع الناصري ابن مريم، وأما في مجيئه الثاني فسيأتي إلها ديانا ينهي العالم القديم ويقيم على أنقاضه عالما جديدا يرثه المؤمنون: «فإن ابن الإنسان يأتي في مجد أبيه مع ملائكته، وحينئذ يجازي كل واحد حسب عمله» (متى، 16: 27). ولقد ألمح يسوع أكثر من مرة إلى قرب المجيء الثاني: «الحق أقول لكم إن من القائمين هنا قوما لا يذوقون الموت حتى يروا ابن الإنسان آتيا في ملكوته» (متى، 16: 28). إلا أنه ترك في أقوال أخرى موعد هذا المجيء مفتوحا: «وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بها أحد ولا ملائكة السموات، إلا أبي وحده»، ولهذا فهو يدعو المؤمنين إلى السهر والترقب والتزود لذلك اليوم: «اسهروا إذا، لأنكم لا تعلمون في أية ساعة يأتي ربكم. واعلموا أنه لو عرف رب البيت في أي هزيع يأتي السارق لسهر ولم يدع بيته ينقب. لذلك كونوا أنتم أيضا مستعدين، لأنه في ساعة لا تظنون، يأتي ابن الإنسان» (متى، 24: 36-44).
ومع ذلك، فقد أعطى يسوع بعضا من علامات الساعة وإشاراتها: «تقدم إليه تلاميذه قائلين: قل لنا متى يكون هذا، وما هي علامة مجيئك وانقضاء الدهر؟ فأجاب يسوع ... سوف تسمعون بحروب وأخبار حروب. انظروا ولا ترتاعوا، لأنه لا بد أن تكون هذه كلها، ولكن ليس المنتهى بعد، لأنه تقوم أمة على أمة ومملكة على مملكة، وتكون مجاعات وأوبئة وزلازل في أماكن، ولكن على هذه كلها مبتدأ الأوجاع ... الذي يصير إلى المنتهى فهذا يخلص. ويكرز ببشارة الملكوت هذه في كل المسكونة، شهادة لجميع الأمم، ثم يأتي المنتهى ... فحينئذ ليهرب الذين في اليهودية إلى الجبال، والذي على السطح فلا ينزل ليأخذ من بيته شيئا، والذي في الحقل فلا يرجع إلى ورائه ليأخذ ثيابه. وويل للحبالى والمرضعات في تلك الأيام ... بعد ضيق تلك الأيام تظلم الشمس، والقمر لا يعطي ضوءه، والنجوم تسقط من السماء، وقوات السماء تتزعزع، وحينئذ تظهر علامة ابن الإنسان في السماء، وحينئذ تنوح كل قبائل الأرض ويبصرون ابن الإنسان آتيا على سحاب السماء بقوة ومجد كثير، فيرسل ملائكته ببوق عظيم الصوت فيجمعون مختاريه» (متى، 24: 3-30).
ويتحدث يسوع عن مسحاء كذبة يظهرون قبل اليوم الأخير فيضلون الناس: «لا يضلكم أحد، فإن كثيرين سيأتون باسمي قائلين أنا هو المسيح ويضلون كثيرين» (متى، 24: 4-5). وفي رسائل الحواريين يجري الحديث عن مسيح مزيف أو دجال يظهر في آخر الزمن ويدعى نقيض المسيح أو ضد المسيح: «يا أيها الأبناء هي الساعة الأخيرة. وكما سمعتم أن ضد المسيح يأتي، قد صار الآن أضداد للمسيح كثيرون. من هنا تعلم أنها الساعة الأخيرة» (رسالة يوحنا الأولى، 2: 18). «أيها الأحباء لا تصدقوا كل روح، بل امتحنوا الأرواح هل هي من عند الله. كل روح يعترف بيسوع المسيح أنه قد جاء في الجسد فهو من الله، وكل روح لا يعترف بيسوع المسيح أنه قد جاء في الجسد فليس من الله. وهذا هو روح ضد المسيح الذي سمعتم إنه يأتي، والآن هو في العالم» (رسالة يوحنا الأولى، 4: 1-3). ويطور بولس في رسائله شخصية الدجال ويعدد ألقابه، فيدعوه ابن الهلاك والمقاوم والأثيم، وجميعها من ألقاب الشيطان. والدجال يأتي قبل المجيء الثاني للمسيح فيحاكي هيئته في مجيئه، وموعده الخاص المعين من الله، ويصنع آيات ومعجزات فائقة تدفع ضعفاء الإيمان إلى مواكبته والانصياع إليه. وهو الآن محجوز بقوة مجهولة، ولكنه سوف ينطلق من مكان احتجازه لينجز آخر هجوم لقوى الشيطان في هذا العالم. وعندما يظهر المسيح سوف يبيده بنفخة من فمه ويبطله بظهور مجيئه الثاني (2 تسالونيكي، 2: 3-11). وفي سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي، هنالك مشهد رؤيوي يصف ظهور الدجال على هيئة وحش طالع من البحر، أعطاه إبليس قدرته وعرشه وسلطانا عظيما ولهذا الوحش سبعة رءوس كتب على كل واحد منها كلمة كافر أو مجدف. فصنع عجائب وأعطي سلطانا على الأرض اثنين وأربعين شهرا، فسجد له ولإبليس كل من ليس منذورا للخلاص (رؤيا يوحنا 13).
واليوم الأخير هو يوم الدينونة الذي يشهد بعث الموتى من قبورهم، ونشورهم إلى الحساب حيث يقفون أمام ديان العالم، ابن الإنسان، الذي تجمع أمامه كل الشعوب فيميز بعضهم عن بعض ويقيم المباركين عن يمينه، وهؤلاء هم أهل اليمين، ويقيم الملاعين عن يساره، وهؤلاء هم أهل الشمال: «ثم يقول الملك للذين عن يمينه تعالوا يا مباركي أبي لترثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم ... ثم يقول للذين عن يساره اذهبوا عني يا ملاعين إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته ... فيمضي هؤلاء إلى عذاب أبدي والأبرار إلى حياة أبدية» (متى، 25: 31-46). «إن كل كلمة بطالة يتكلم بها الناس سوف يعطون عنها حسابا يوم الدين، لأنك بكلامك تتبرر وبكلامك تدان» (متى، 12: 36-37). «هكذا يكون في انقضاء العالم، يخرج الملائكة ويفرزون الأشرار من الأبرار ويطرحونهم في أتون النار، هناك يكون البكاء وصرير الأسنان» (متى، 13: 49-50).
ولدينا في إنجيل لوقا حوار حول واحد من أهل الجحيم وآخر من أهل الجنة، يعطينا صورة عن أحوال ساكني هذين العالمين. فقد: «كان إنسان غني وكان يلبس الأرجوان والبز وهو يتنعم كل يوم مترفها. وكان هناك مسكين اسمه لعازر طرح عند بابه مضروبا بالقروح ويشتهي أن يشبع من الفتات الساقط من مائدة الغني. فمات المسكين وحملته الملائكة إلى حضن إبراهيم، ومات الغني أيضا ودفن. فرفع عينيه وهو في العذاب ورأى إبراهيم من بعيد ولعازر في حضنه، فنادى وقال: يا أبي إبراهيم، ارحمني وأرسل لعازر ليبل إصبعه بماء ويبرد طرف لساني لأني معذب في هذا اللهيب. فقال إبراهيم: يا بني اذكر أنك استوفيت خيراتك في حياتك، وكذلك (استوفى) لعازر البلايا، والآن هو يتعزى وأنت تتعذب» (لوقا، 16: 19-25).
ويصف يسوع في إنجيل لوقا حياة أهل النعيم بأنها أشبه بحياة الملائكة. فعندما جاء قوم من الصدوقيين الذين ينكرون القيامة والمعاد، وسألوه عن امرأة تزوجت سبعة أخوة على التوالي ماتوا جميعا، فلمن تكون المرأة من بينهم يوم القيامة؟ فأجاب يسوع: «أبناء هذا الدهر يزوجون ويزوجون. ولكن الذين حسبوا أهلا للحصول على ذلك الدهر، والقيامة من الأموات، لا يزوجون ولا يزوجون، لأنهم مثل الملائكة، وهم أبناء الله، إذ هم أبناء القيامة» (لوقا، 20: 27 35). كما أنه وعد الأبرار بالجلوس على مائدته السماوية ليأكلوا ويشربوا: «أنتم الذين ثبتوا معي في تجاربي، وأنا أجعل لكم كما جعل أبي ملكوتا لتأكلوا وتشربوا على مائدتي في ملكوتي، وتجلسوا على كراسي تدينون أسباط إسرائيل» (لوقا، 22: 28-30). وهؤلاء يضيئون كالشمس في ملكوت أبيهم: «حينئذ يضيء الأبرار كالشمس في ملكوت أبيهم» (متى، 13: 43). وهم يشربون بصحبة المسيح من نتاج الكرمة: «وأقول لكم إني من الآن لا أشرب من نتاج الكرمة هذا إلى ذلك اليوم، حينما أشربه معكم جديدا في مملكة أبي» (متى، 26: 29).
فإذا انتقلنا إلى الكرازة الرسولية وجدناها تعطي تفاصيل أخرى بخصوص قيامة الموتى ومصيرهم. فعند بولس، فإن الراقدين المؤمنين سيقومون على صوت نفخة الصور ويخطفون لملاقاة المسيح الهابط على سحب الغمام: «لأننا إن كنا نؤمن أن يسوع مات وقام، فكذلك الراقدون، بيسوع سيحضرهم الله أيضا معه ... لأن الرب بهتاف بصوت رئيس ملائكة وبوق الله، سوف ينزل من السماء، والأموات في المسيح سيقومون أولا، ثم نحن الأحياء الباقين سوف نخطف جميعا معهم في السحب لملاقاة الرب في الهواء. هكذا نكون كل حين مع الرب » (1 تسالونيكي، 4: 14-17). وهناك يرى المنعم عليهم وجه الله: «أيها الأحباء الآن نحن أولاد الله، ولم يظهر بعد ماذا سنكون، ولكن نعلم أنه إذا أظهر نكون مثله لأننا سنراه كما هو» (رسالة يوحنا الأولى، 3: 2).
ورغم توكيد بولس على بعث الأجساد في اليوم الأخير، إلا أنه يقول لنا إن هذه الأجسام المادية بعد بعثها سوف تلبس حلة نورانية سماوية : «هكذا أيضا قيامة الأموات: يزرع - الجسم - في فساد ويقام في عدم فساد، يزرع في هوان ويقام في مجد، يزرع في ضعف ويقام في قوة، يزرع جسما حيوانيا ويقام جسما روحانيا ... وكما لبسنا صورة الترابي سنلبس صورة السماوي أيضا» (1 كورنثة، 15: 44-42 و49). وينفخ الملائكة في الصور سبع مرات، وعند الصور السابع يستيقظ الموتى في أجساد لا ينالها الفساد، كما تتغير أجساد من كان حيا أيضا: «في لحظة، في طرفة عين، عند البوق الأخير، فإنه سيبوق فيقام الأموات عديمي فساد، ونحن نتغير، لأن هذا - الجسد - الفاسد لا بد أن يلبس عدم فساد، وهذا المائت يلبس عدم موت.» وبذلك يتم انتصار المسيح على الموت وعلى العالم الأسفل: «فحينئذ تصير «تتحقق» الكلمة المكتوبة: ابتلع الموت إلى غلبة. أين شوكتك يا موت؟ أين غلبتك يا هاوية» (1 كورنثة، 15: 43-55).
نامعلوم صفحہ