رحلات الفضاء: تاريخ موجز
رحلات الفضاء: تاريخ موجز
اصناف
فاقم النجاح الثاني للاتحاد السوفييتي ما أطلق عليه المؤرخ والتر ماكدوجال «الشغب الإعلامي» في أمريكا حول الإحراج الملحوظ الذي تتعرض له أمريكا. ورويدا رويدا تحول الرأي العام الأمريكي إلى الغضب والقلق ونقد الإدارة الأمريكية. وزاد التهديد السوفييتي باستخدام الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، رغم أنه كان على بعد سنوات من التنفيذ، شعور الأمريكان بالضعف. وكان خروتشوف سعيدا بتغذية هذا الخوف بالتفاخر بالصواريخ السوفييتية وبقدرات السوفييت الفضائية. ما زاد الطين بلة، في السادس من ديسمبر، سقوط صاروخ «فانجارد» يحمل قمرا صناعيا مصغرا على منصة الإطلاق، محدثا انفجارا مدويا على التليفزيون الوطني. عند هذه اللحظة، نجح الجيش في الحصول على موافقة على مشروعه الثاني المستند إلى «جوبيتر-سي». جاء صاروخ ريدستون وتوجيه المشروع من فريق فون براون في هانتسفيل، في حين أدار مراحل الوقود الصلب العليا والقمر الصناعي مختبر الدفع النفاث في كاليفورنيا. في 31 يناير 1958، أصبح للولايات المتحدة أخيرا قمر صناعي في المدار؛ وسماه الجيش «إكسبلورر 1»، وتبعه «فانجارد» في أول نجاح مداري له بعد ستة أسابيع.
9
في الوقت الذي تناحرت فيه قوات الجيش على برنامج الفضاء، أقر كل من الرئيس الجمهوري وقائد الأغلبية في مجلس الشيوخ الديمقراطي ليندون جونسون، الحاجة إلى هيئة مدنية للقيام ببعثات علمية وسلمية. وكانت المرشحة الأولى لهذا العمل هي اللجنة الاستشارية الوطنية للملاحة الجوية (التي تعرف اختصارا ب
NACA ) وهي عبارة عن منظمة حكومية للأبحاث تأسست في عام 1915، وتقع أكبر مراكزها في فيرجينيا وأوهايو وكاليفورنيا. وفي نهاية يوليو، وقع الرئيس على مذكرة إنشاء الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء (التي تعرف اختصارا ب
NASA
أو ناسا) من رحم
NACA ، بالإضافة إلى جماعة «فانجارد» في معمل أبحاث البحرية الأمريكية وبعض مشروعات الفضاء الخاصة بالجيش والقوات الجوية. رحب مختبر الدفع النفاث، الخاضع للتوجيه الأكاديمي، الذي كانت تديره كالتيك، بأن يتخلى عن الجيش لصالح وكالة ناسا بمجرد أن بدأت الوكالة ممارسة نشاطها في 1 أكتوبر 1958. لكن فون براون وقائده في هانتسفيل قاوموا محاولة نقل نصف فريقه الذي انحل، مخافة عواقب حدوث انفصال في مشروع صاروخ «جوبيتر» وغيره من المشروعات. وأخيرا أصدر أيزنهاور أمرا بالنقل بعد سنة، عندما أمكن استيعاب كل أعضاء فريق فون براون.
10
كان إنشاء هيئة مدنية هو الحل الأمريكي أثناء الحرب الباردة للتحديات التنظيمية، وأيضا السياسية، في السباق السريع الاحتدام. أبرزت الأقمار الصناعية السوفييتية «سبوتنيك» قيمة إنجازات الفضاء في تحقيق المكانة والتدليل على القوة العلمية والتكنولوجية. وقد كان انفصال الإمبراطوريات الاستعمارية الأوروبية، وخاصة بريطانيا وفرنسا في أفريقيا وآسيا، سياقا مهما. كان ثمة دول جديدة تتشكل كل عام، والحركات الثورية القومية غالبا ما تنظر إلى الاتحاد السوفييتي والصين باعتبارهما نموذجين للتطور. كانت إنجازات الفضاء السوفييتية بمثابة إعلان مدو للتفوق المزعوم للاشتراكية على الرأسمالية. وكانت الدعاية الشيوعية تنتقد أمريكا والغرب بلا هوادة على العسكرية والإمبريالية. ولذا فإن إنشاء هيئة فضاء مدنية وعلمية، تنطوي شروط تأسيسها على التعاون الدولي، سوف تصدر صورة أمريكية إيجابية للحلفاء في أوروبا الغربية وغيرها. كما أن إنشاء ناسا جعل الولايات المتحدة تبتكر فئة نشاط الفضاء المدني، في الوقت الذي كانت فيه القوات المسلحة هي الوحيدة، حتى ذلك الوقت، التي تملك التكنولوجيا القادرة على القيام برحلات الفضاء.
11
نامعلوم صفحہ