رفع الملام عن الأئمة الأعلام

ابن تيمية d. 728 AH
76

رفع الملام عن الأئمة الأعلام

رفع الملام عن الأئمة الأعلام - ط العصرية

اصناف

أُولَئِكَ الْمُجْتَهِدُونَ الَّذِينَ رَأَوْا دُخُولَ مَحَلِّ الْخِلَافِ فِي الْحَدِيثِ، مُسْتَوْجِبِينَ لِهَذَا الْوَعِيدِ. فَإِذَا كَانَ الْمَحْذُورُ ثَابِتًا -عَلَى تَقْدِيرِ إخْرَاجِ مَحَلِّ الْخِلَافِ وَتَقْدِيرِ بَقَائِهِ- عُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَحْذُورِ، وَأنه لَا مَانِعَ مِنْ الِاسْتِدْلَالِ بِالْحَدِيثِ. وَإِنْ كَانَ الْمَحْذُورُ لَيْسَ ثَابِتًا -عَلَى وَاحِدٍ مِنْ التَّقْدِيرَيْنِ- فَلَا يَلْزَمُ مَحْذُورٌ أَلْبَتَّةَ. وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ التَّلَازُمُ؛ وَعُلِمَ أَنَّ دُخُولَهُمْ عَلَى تَقْدِيرِ الْوُجُودِ مُسْتَلْزِمٌ لِدُخُولِهِمْ عَلَى تَقْدِيرِ الْعَدَمِ، فَالثَّابِتُ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ: إمَّا وُجُودُ الْمَلْزُومِ وَاللَّازِمِ، وَهُوَ دُخُولُهُمْ جَمِيعًا، أَوْ عَدَمُ اللَّازِمِ وَالْمَلْزُومِ، وَهُوَ عَدَمُ دُخُولِهِمْ جَمِيعًا؛ لِأَنَّهُ إذَا وُجِدَ الْمَلْزُومُ وُجِدَ اللَّازِمُ؛ وَإِذَا عُدِمَ اللَّازِمُ عُدِمَ الْمَلْزُومُ. وَهَذَا الْقَدْرُ كَافٍ فِي إبْطَالِ السُّؤَالِ؛ لَكِنَّ الَّذِي نَعْتَقِدُهُ: أَنَّ الْوَاقِعَ عَدَمُ دُخُولِهِمْ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ. وَذَلِكَ أَنَّ الدُّخُولَ تَحْتَ الْوَعِيدِ مَشْرُوطٌ بِعَدَمِ الْعُذْرِ فِي الْفِعْلِ، وَأَمَّا الْمَعْذُورُ عُذْرًا شَرْعِيًّا، فَلَا يَتَنَاوَلُهُ الْوَعِيدُ بِحَالِ. وَالْمُجْتَهِدُ مَعْذُورٌ بَلْ مَأْجُورٌ فَيَنْتَفِي شَرْطُ الدُّخُولِ فِي حَقِّهِ، فَلَا يَكُونُ دَاخِلًا سَوَاءٌ اعْتَقَدَ بَقَاءَ الْحَدِيثِ عَلَى ظَاهِرِهِ، أَوْ أَنَّ فِي ذَلِكَ خِلَافًا يُعْذَرُ فِيهِ، وَهَذَا إلْزَامٌ مُفْحِمٌ

1 / 78