رفع الملام عن الأئمة الأعلام

ابن تيمية d. 728 AH
41

رفع الملام عن الأئمة الأعلام

رفع الملام عن الأئمة الأعلام - ط العصرية

اصناف

وَإِيضَاحُ هَذَا: أَنَّ مَنْ تَرَكَ الْعَمَلَ بِحَدِيثٍ، فَلَا يَخْلُو مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: إمَّا أَنْ يَكُونَ تَرْكًا جَائِزًا بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، كَالتَّرْكِ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ وَلَا قَصَّرَ فِي الطَّلَبِ، مَعَ حَاجَتِهِ إلَى الْفُتْيَا أَوْ الْحُكْمِ، كَمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ ﵃ وَغَيْرِهِمْ، فَهَذَا لَا يَشُكُّ مُسْلِمٌ أَنَّ صَاحِبَهُ لَا يَلْحَقُهُ مِنْ مَعَرَّةِ (١) التَّرْكِ شَيْءٌ. وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ تَرْكًا غَيْرَ جَائِزٍ، فَهَذَا لَا يَكَادُ يَصْدُرُ مِنْ الْأَئِمَّةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، لَكِنْ الذي قَدْ يَخَافُ عَلَى بَعْضِ الْعُلَمَاءِ، أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ قَاصِرًا فِي دَرْكِ تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ، فَيَقُولُ مَعَ عَدَمِ أَسْبَابِ الْقَوْلِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ فِيهَا نَظَرٌ وَاجْتِهَادٌ أَوْ يُقَصِّرُ فِي الِاسْتِدْلَالِ فَيَقُولُ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ النَّظَرُ نِهَايَتَهُ، مَعَ كَوْنِهِ مُتَمَسِّكًا بِحُجَّةِ، أَوْ يَغْلِبُ عَلَيْهِ عَادَةٌ، أَوْ غَرَضٌ يَمْنَعُهُ مِنْ اسْتِيفَاءِ النَّظَرِ، لِيَنْظُرَ فِيمَا يُعَارِضُ مَا عِنْدَهُ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَقُلْ إلَّا بِالِاجْتِهَادِ وَالِاسْتِدْلَالِ، فَإِنَّ الْحَدَّ الَّذِي يَجِبُ أَنْ يَنْتَهِيَ إلَيْهِ الِاجْتِهَادُ قَدْ لَا يَنْضَبِطُ لِلْمُجْتَهِدِ.

(١) المعرة: بفتح الميم والعين والراء المشددة: هي الإثم والأذى والخيانة كما في القاموس (٣\ ١٨٦) هـ ومنه قوله تعالى: (فتصيبكم منهم معرة) سورة الفتح آية (٢٥) اهـ مصحح.

1 / 43