عنه بعدًا واحتجابًا، وقالت: حسبه ذاك عقابًا.
ارض لمن غاب عنك غيبتَه ... ذلك ذنبٌ عقابه فيه (^١)
ومَن كانت حاله بينَ بينَ أشارت إليه تشوِّقه، فإما أن يرقى به الشوق إلى درجة الأوَّل، وإما أن يحطَّه اليأس إلى درجة الثاني، وإما أن يبقى معلَّقًا فيوشك أن تَعْرِض له إحدى البغايا فتذهب به إلى حيث ألقت رَحْلَها أُمُّ قَشْعَمٍ (^٢).
فإن قيل: هذا تمثيلٌ لا يُقنِع، فارجع بنا إلى التحقيق؛ فقد يتراءَى للناظر أنه لو كانت حجج الحقِّ ظاهرةً مكشوفةً لكان أولى.
قلتُ: الجواب عن هذا يتوقَّف على معرفة حكمة الخلق، فأستعين الله تعالى، وأقول:
فصلٌ
قال الله ﵎: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: ٥٦].
الكمال يقتضي التكميل، فالعالم الكامل يقتضي كمالُه أن يكون له تلامذةٌ يجتهد في تكميلهم، وهكذا الطبيب والصانع والزاهد وغيرهم، حتى إن العالم الكامل إذا لم يكن له تلامذةٌ يجتهد في تكميلهم يُرْمَى بالبخل