فقال الوزير: ما قصدت إلى هذا أيها المبجل، ولكني أعتقد أن حقي كوزير يخول لي المثول بين يدي جلالته بين آونة وأخرى، لأقوم بواجباتي على الوجه الأكمل. - معذرة يا صاحب القداسة، ولكنك تحظى بالمثول بين يدي فرعون. - نادرا ما تتاح لي الفرصة. وتجدني لا أدري ما الحيلة لأعرض على ذاته العليا التماسات تزدحم بها حجرات الحكومة.
فحدجه الحاجب بنظرة فاحصة، وقال: لعلها تمس موضوع أراضي المعابد.
فالتمعت عينا الوزير بنور خاطف، وقال: هو ذلك يا سيدي.
فقال سوفخاتب بسرعة: إن فرعون لا يريد أن يسمع جديدا حول هذا الموضوع؛ لأن جلالته قال فيه كلمته الأخيرة. - إن السياسة لا تعرف كلمة أخيرة.
قال سوفخاتب بلهجة لم تخل من حدة: هذا رأيك يا صاحب القداسة وعسى ألا أشاركك فيه. - أليست أملاك المعابد تراثا تقليديا؟
واستاء سوفخاتب لأنه شعر بأن الوزير يستدرجه إلى حديث يأباه، بعد أن أعلن له إباءه، فقال بلهجة لا تدع له أي احتمال للشك: سأقف عند كلمة مولاي لا أتعداها. - إن أخلص الناس لمولاه من يصدقه النصيحة.
واشتد استياء الحاجب الأكبر لجفاء القول، وثارت كرامته ثورة مكتومة، فقال بشدة: إني أعرف واجبي يا صاحب القداسة، ولكني لا أسأل عنه إلا أمام ضميري.
فتنهد خنوم حتب يائسا، ثم قال في هدوء وتسليم: إن ضميرك فوق الشبهات أيها المبجل، وما داخلني شك قط في إخلاصك أو حكمتك، ولعل هذا ما دعاني إلى الاسترشاد برأيك. أما وأنك ترى أن هذا لا يتفق وإخلاصك فلا يسعني إلا العدول عنك آسفا، وليس لدي الآن إلا رجاء واحد.
فقال سوفخاتب: تفضل يا صاحب القداسة. - إني أرجو أن ترفع إلى مسامع صاحب الجلالة الملكة، رجائي بالتشرف بين يديها اليوم.
وأخذ سوفخاتب، ونظر إلى محدثه نظرة دالة على الدهشة؛ لأنه وإن كان الوزير لم يجاوز حدوده بهذا الرجاء إلا أنه لم يكن متوقعه، فاستولى الارتباك على الحاجب، أما خنوم حتب فقال بلهجة دلت على العزم: إني أقدم هذا الرجاء بصفتي رئيس وزراء المملكة المصرية.
نامعلوم صفحہ