[إسلام السلاطين]
ولكني أراه ظن ديننا، وتوهم أحكام ربنا، أحكام معاوية بن أبي سفيان، وما سن بعد معاوية ملوك بني مروان، من تناقض أحكامها، وجورها في أقسامها، وأولئك فأعداء ديننا، وحكم أولئك فغير حكم ربنا، وحكم ديننا فالحكم الذي لم يخالطه قط جور، وأموره من الله فالأمور التي لا يشبهها أمور، ويحق بذلك أمر وليه أحكم الحاكمين، وحكم جاء من رب العالمين .
وأما قوله: رجل من أهل تهامة. فإنما هو ضرب من العجامة، وما في هذا ويله، ما أشد عتوه وكفره، تهاميا كان عليه السلام أوشاميا، أومغربيا كان من الناس أو مشرقيا، هل هو إلا بشر آدمي، بعثه إلى كل فصيح وأعجمي، كما قال سبحانه، أجزل الله كرامته ورضوانه: { قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فهل أنتم مسلمون } [فصلت: 6]. هل هو إلا رسول الله صلى الله عليه بعثه الله إلى الانسان، وإحسان من الله وهبه الله عباده لا كالاحسان، أرسله سبحانه بهداه مبتديا، إلى أولآء الخلق بأن يكون مهتديا، إلى الملأ من عشيرته، وفي ولد إبراهيم وذريته، وإلى أبناء قحطان من خيرته، وهم الذين كانوا في كفرهم أوفى أهل الكفر لمن عاهدوا عهدا، وأكرمهم لمن وآد ودا، وأحسنهم لمن تحرم بهم تحرما، وأحفظهم لجوار من جاورهم تكرما، وأشدهم للكذب إنكارا، وعن كل دناءة خلق استكبارا، وأشدهم لله إعظاما ، ولحرم بيته إكراما، والذين يقول عنهم، فيما ذكر عنهم، في عبادة ما كانوا يعبدون معه من الأوثان، تقربا بعبادتهم لذلك إلى الرحمن، { ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى } [الزمر: 3]. أما سمعت قول الله فيهم، وفيما ذكر لعباده من تمنيهم، { وإن كانوا ليقولون لو أن عندنا ذكرا من الأولين، لكنا عباد الله المخلصين } [الصافات: 169]. ويقول سبحانه عنهم خاصا دون الخلق، في تمنيهم دون أهل الأرض لدين الحق، { وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم } [فاطر: 42].
صفحہ 163