وأما قوله: فقتلت أعداؤه أنبياءه ورسله. فما ينكر من قتلهم لهم قاتله الله وقتله، لو لم يقتلوا لم يجب لهم من الكرامة عنده ما أوجبه، ولم يدركوا ثواب ما كان القتل فيه سببه، ولو كان له علينا في قتلهم مطلب لكان في موتهم، ولو دخل علينا بقتلهم وموتهم لدخل علينا في أصل الفطرة لهم، والفطرة لا يكون فيها من الحكمة ما فيها، إلا بموجود البنية التي بنيت عليها، وذلك ما قد فرغنا من الجواب فيه، ودللنا بآثار الله في الحكمة عليه، وفيما وصفنا منه، وأنبأنا به عنه، ما أوضحه، ووضح به فصححه . والحمد لله رب العالمين كثيرا، وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله وسلم تسليما.
وأما قوله: فأجل عدوه إلى يوم يبعثون. فهو وأصحابه في هذا يلعبون، ولو فسد في التأجيل طول تأخيره، لفسد في ذلك أقصر قصيره! فليت شعري ويله، لم تقابح هذا وأنكره ؟! وهو لو لم يبق لم يعص ولم يطع، ولو لا المعصية والطاعة لم يخلق ولم يصنع !
وأما قوله: وأمرض خلقه وعذبهم، بما عرض من الأسقام لهم. فلعمري لقد وفاهم سبحانه طبائعهم مفصلة، وسلمها إليهم مكملة، عن هلكات العصيان، وشين معائب النقصان، فما دخلها من سقم بدن، أو فساد متدين، فبعد اعتدال تركيبها، عن كل نقص من معيبها، وما فسد لهم من دين بعصيان، فبعد هدى من الله وبيان، وتخيير في الطاعة وإمكان، فما في الذي ذكر، وفنن فيه فأكثر، مما يدخل له أو لغيره علينا، أو يجد به أحد مقال تعنيف فينا، كأن كلامه، ويله وأحكامه، كلام لم يزل يسمعه من شطار أهل السجون، أو كأنما قبل آدابه عن سفلة أهل المجون، بل كأنه مجنون مصاب، لا يحق له جزاء ولا عليه عقاب.
صفحہ 155