الرد على الزنادقة والجهمية
الرد على الزنادقة والجهمية
تحقیق کنندہ
صبري بن سلامة شاهين
ناشر
دار الثبات للنشر والتوزيع
ایڈیشن نمبر
الأولى
الرد على الجهمية بتسمية القرآن محدثا
...
فزعم أن الله قال: القرآن محدث. وكل محدث مخلوق١.
فلعمري، لقد شبه على الناس بهذا. وهي آية من المتشابه فقلنا في ذلك قولًا واستعنا بالله، ونظرنا في كتاب الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله٢.
_________
١ قال ابن كثير في تفسيره "١٨٢/٣": محدث أي جديد إنزاله، كما قال ابن عباس: ما لكم تسألون أهل الكتاب عمّا بأيديهم وقد حرفوه وبدلوه وزادوا فيه ونقصوا منه، وكتابكم أحدث الكتب بالله تقرءونه محضًا لم يشب؟!.
٢ قال ابن بطة في "الإبانة" "١٨٣/٢-١٨٥": ثم إن الجهمي إذا بطلت حجته فيما ادعاه ادعى أمرًا آخر، فقال: أنا أجد في الكتاب آية تدل على أن القرآن مخلوق، فقثيل: أية آية هي؟
قال: قول الله ﷿: ﴿مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ﴾ [الأنبياء: ٢] .
أفلا ترون أن كل محدث مخلوق؟
فوهم على الضعفاء والأحداث وأهل الغباوة وموّه عليهم، فيقال له: إن الذي لم يزل به عالما لا يكون محدثًا، فعلمه أزلي كما أنه هو أزلي، وفعله مضمر في علمه، وإنما يكون محدثًا ما لم يكن به عالِمًا حتى علمه فيقول: إن الله ﷿ لم يزل عالِمًا بجميع ما في القرآن قبل أن ينزل القرآن، وقبل أن يأتي به جبريل وينزل به على محمد ﷺ وقد قال: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ [البقرة: ٣٠] قبل أن يخلق آدم.
وقال: ﴿إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾ [البقرة: ٣٤] .
يقول: كان إبليس في علم الله كافرًا قبل أن يخلقه، ثم أوحى بما قد كان علمه من جميع الأشياء.
وقد أخبرنا ﷿ عن القرآن، فقال: ﴿إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى﴾ [النجم: ٤] فنفى عنه أن يكون غير الوحي، وإنما معنى قوله: ﴿مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ﴾ أراد: محدثًا علمه وخبره وزجره وموعظته عند محمد ﷺ وإنما أراد: أن علمك يا محمد ومعرفتك محدث بما أوحى إليك من القرآن، وإنما أراد: أن نزول القرآن عليك يحدث لك ولمن سمعه علم وذكر لم تكونوا تعلمونه.
ألم تسمع إلى قوله: ﴿وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ﴾ [النساء: ١١٣] وقال تعالى: =
1 / 121