فلو وصفتهم لك لطال عليك المجلس، الذين كانوا أزهد الخلق، وأعلم الخلق، وكانوا فرجا للمستضعفين من عباد الله، الذين كانت وجوههم كصفائح الفضة، ملس يبس من خوف الله، صفر الألوان من سهر الليل، قد انحنت أصلابهم من العبادة، باكية أعيانهم من خوف الله، وشفقة من عذاب الله. لم يستحلوا مثل ما استحل غيرهم من قبض أموال الناس، ولا يستأثرون بشيء من فيء المسلمين، مثل ما استأثر غيرهم، أحدهم إذا وصل المؤمن وصله بمائة ألف فما دونها من صميم أموالهم، وخرجوا من أموالهم زهدا في الدنيا، ورغبة لما عند الله.
أفترون أن جميع هؤلاء، وجميع أهل بيتهم كانوا أجهل للحق، وأشد حسدا، وأشد بغيا، وأشد إنكارا من أبي جهل بن هشام، ومن الوليد بن المغيرة، ومن أبي لهب، وأبي سفيان، ومن معاوية بن أبي سفيان، ومن قريش، الذين كان جمعهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنذرهم، وأبدى لهم النصيحة كما أمره الله سبحانه وتعالى لقرابته ؟! أفليس كان يجب على صاحبكم أن يبدي نصيحته لأهل بيته وهم مسلمون أخيار ؟!! كما أبدى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نصيحته لبني عبد مناف، ونفر من بني مخزوم، وزهرة، لأنهم كانوا أخواله ؟
صفحہ 421