فصل
ومما يجب أن يسقط من النحو العلل الثواني والثوالث، وذلك مثل سؤال السائل عن (زيد) من قولنا (قام زيد) لمَ رُفع؟ فيقال لأنه فاعل، وكل فاعل مرفوع، فيقول ولِمَ رُفع الفاعل؟ فالصواب أن يقال له: كذا نطقت به العرب. ثبت ذلك بالاستقراء من الكلام المتواتر. ولا فرق بين ذلك وبين من عرف أن شيئًا ما حرام بالنص، ولا يُحتاج فيه إلى استنباط علة، لينقل حكمه إلى غيره. فسأل لمَ حُرِّم؟ فإن الجواب على ذلك غير واجب على الفقيه. ولو أجبت السائل عن سؤاله بأن تقول له: للفرق بين الفاعل والمفعول فلم يقنعه، وقال: فلِمَ لم تعكس القضية بنصب الفاعل ورفع المفعول؟ قلنا له: لأن الفاعل قليل لأنه لا يكون للفعل إلا فاعل واحد، والمفعولات كثيرة، فأُعطي الأثقل، الذي هو الرفع، للفاعل، وأُعطي الأخف، الذي هو النصب، للمفعول، لأن الفاعل واحد، والمفعولات كثيرة، ليقلَّ في كلامهم ما يستثقلون، ويكثر في كلامهم ما يستخفون. فلا يزيدنا ذلك علمًا بان الفاعل مرفوع، ولو جهلنا ذلك لم يضرنا جهله، إذ قد صح عندنا رفع الفاعل الذي هو مطلوبنا، باستقراء المتواتر، الذي يوقع العلم.
وهذه العلل الثواني على ثلاثة أقسام: قسم مقطوع به، وقسم فيه
1 / 127