قد أتيتُ في هذا الباب على ما يُحتاج إليه، ويُستغني به، وزدت توجيهَ الأقوال والاحتجاجَ على سيبويه وله، ليعلم القارئ أني قد وقفت على أقوالهم، وعرفت ما
اثبتُّ، ولم احتج إلى إضمار ما الكلامُ تامٌّ دونه، وإظهاره عيٌّ مخالف لغرض القائل. هذا في كلام الناس، فأما في كلام الله تعالى فحرام. واللهَ اسأله العون والتوفيق، وقد قلت قولا في هذا الباب يليق بما أحضّ عليه، وأدعو إليه، لأني لم ادخل فيه محالًا، ولا ظنًَّا ضعيفًا، ولا فضلًا لا يُحتاج إليه.
فصل
ومما قالوا فيه ما لم يفهم، واضمروا فيه ما يخالف مقصد القائل، أبوابُ نصب الفعل، وقد تكلمت منها على باب الفاء والواو ليستدل بهما على غيرهما ويعلم أن ما أضمروه لا يحتاج إليه في إعطاء القوانين التي يحفظ بها كلام العرب.
الكلام في الفاء: ينتصب بعدها الفعل إذا كانت جوابا لأحد ثمانية أشياء: الأمر، والنهي، والاستفهام، والنفي، والعرض، والتمني، والتحضيض، والدعاء. يقال في الأمر (أعطني فأشكرك). قال أبو النجم:
يا ناقُ سيري عَنَقًا فَسِيحِا ... إلى سُلْمَانَ فَنَسْتَرِيْحَا
1 / 115