17 - ثم ذكر ( 1 ) حقيقة معنى الأزلية فقال : ينبغي أن نقدم القرائن ( 2 ) التي نحتاج إلى استعمالها . فنقول : إن الأزلي هو الذي لم يجب لشيء ( 3 ) هو مطلق ، أي بل هو مطلق ، فالأزلي لا قبل ( 4 ) لهويته ، فالأزلي هو لا قوامة هو [ من ] غيره ( 5 ) ، [ هو ] ولا علة له ولا موضوع ولا محمول ولا فاعل له ولا سبب ، أعني ما من أجله كان ، فلا جنس له ، لأنه إن كان له جنس فهو نوع ، والنوع مركب من جنسه العام له ولغيره ، ومن فصل ليس في غيره ، فله موضوع هو الجنس القابل لصورته وصورة غيره ، ومحمول هو الصورة الخاصية له دون غيره ، فالنوع كله موضوع ومحمول . فالأزلي لا يفسد ، لأن الفساد ( 6 ) إنما هو تبدل المحمول لا الحامل الأول ، فأما الحامل الأول الذي هو الأيس ( 1 ) فليس يتبدل ، لأن الفاسد ليس تتباين إنيته بتباين إبنيته ( 2 ) ، وكل متبدل فإنما يتبدل ( 3 ) بضده الأقرب معه ( 4 ) في جنس واحد كالحرارة ( 94 ظ ) إلى البرودة ، لا بالأبعد ( 5 ) من المقابلة كالحرارة باليبس أو بالحلاوة أو بالطول ، والأضداد المتقاربة هي في جنس ( 6 ) واحد ، فالفاسد جنس ، والأزلي لا جنس له ، فهو لا يتبدل ولا ينتقل من نقص إلى تمام ، لأن الانتقال استحالة ، وهو لا يستحيل . والتام هو الذي ليست له حاله ثانية يكون بها فاضلا ، والأزلي لا يمكن أن يكون ناقصا ، لأنه لا يمكن أن ينتقل إلى حال يكون بها فاضلا ، لأنه لا يمكن أن يستحيل بتة ، فالأزلي تام اضطرارا ، وإذا كان الأزلي لا جنس له ، فما له جنس وأنواع غير أزلي ، فالجرم لا أزلي .
صفحہ 368