بديا ، وعن إيجاب الإضافة هلكت الدهرية أيضا والديصانية والمجوس كلها ، وعن جهل ذلك هلكت المنانية والمشبهة أيضا ، وبجهل الكندي بها هلك في كتابه ، فلم يجد علة للخلق إلا الخالق ، فسماه غير اسمه ، إذ لم يجد إلا الخالق والخلق ولم يعرف الأمر . فوجود الإمكان والانفعال بحجة العقل وضرورته ، قيل : كون المعقول الخارج عنها من عدم ، وهما الدهر والزمان الكائنان بتعديهما بين المفعول والفاعل الأول ، جل ثناؤه ، فصل الإضافة ، لأنهما ليسا فعلا تاما ، بل الفعل التام أعني المفعول كائن لأجلهما ( 1 ) ، ولذلك لا يمكن أن يقال : الانفعال والإمكان فعل ، إذ الفعل المفعول غيرهما لا محالة ، وهما الدهر والزمان المدبران لذلك الفصل بين الفاعل الأول والفعل الكائن القائم المحسوس في مستقره .
49 - فإن قال : وما الذي منع أن يكون الدهر والزمان من المضاف إلى ربهما دون المفعول قيل له : منع من ذلك أنهما مضافان إلى مفعولهما الكائن عنهما ، لأن الدهر هو غاية الزمان ، أعني غاية مدة حركة الانفعال والمفعول ، والزمان مدة انفعال المفعول ، فلا يمكن أن يكون الزمان بلا غاية ، لأنه لا يكون شيء بلا غاية ، ولا يكون مفعول بلا مدة ، فالانفعال مدة المفعول ، فهما لا يصلان إلى غير ما هما مضافان إليه ، بل هما بائنان بالمفعول وزائلان به ، والمفعول ثابت بهما وزائل فيهما ، دون الوصول منه أو منهما إلى الفاعل الذي لا غاية له . والإضافة أيضا لا تكون إلا لذوي الغايات المتساوية الأبعاد والأوساط ، وإلا لم تكن الإضافة بينهما حقيقة أصلا ولا واجبة لهما أبدا . ألا ترى أنه يمتنع أن يكون المفعول مضافا إلى الزمان كله من قبل حدوث كلية المفعول المستقر في الدهر بعد زمانه ، المقضي الذي هو انفعاله المخرج له من عدم إلى وجود . والمفعول إنما يكون مضافا إلى الانفعال بأول دقيقة منه ، يكون إذن مضافا ، والإرادة الأولى المحيطة بالانفعال هي الفصل الجامع الفاصل في الانفعال إلى مثلها من الانفعال في الصغر من الزمان ضرورة ، وهكذا تقال الإضافة بينهما قولا صادقا بالتكافؤ بالدقائق ، فكيف تجب الإضافة لما لا أبعاد له [ 100 و ] ولا أوساط إذن
50 - فإن قال : فما منع أن يكون المفعول بدهره وزمانه مضافا إلى الفاعل الأول
صفحہ 380