وأما ما سأل عنه فقال: ما كانت إرادة الله في آدم وزوجته ؟ أيخلدان في الجنة؟ أم أراد أن يخرجا منها، وأن يهبطا عنها؟
فإنا نقول: إن إرادة الله في وقت خلق آدم وزوجته سكناهما في الجنة ومقامهما، وإن ارادته وحكمه عندما كان من غفلتهما، واستزلال الشيطان لهما حتى كان منهما ما كان من معصيتهما، لسبب الغفلة والنسيان لما عهد إليهما ربهما، من اجتناب الشجرة التي عنها نهاهما؛ فطلبا البقاء والحياة والاستزادة من العمل الصالح، ورجوا أن يخلدا ثم يزدادا طاعة لربهما، وتكثر عبادتهما لخالقهما، فغوى(1) صلى الله عليه في الشجرة ناسيا، ولم يكن ذلك عن مباينة لله بالعصيان، ولا عن قلة معرفة بما يجب للرحمن، قال الله تبارك وتعالى: {فنسي ولم نجد له عزما} [طه: 115]. فلما أن كان ذلك منهما، أراد الله أن يهبطهما من الجنة التي كان قد كفاهما فيها لباسهما وقوتهما، فأخرجهما منها إلى غيرها من الأرض، وأبدلهما بالراحة تعبا، وبالكفاية للمؤونة طلبا، وحرثا وزرعا.
صفحہ 293