جواب جمال الدين
وهذا رقيم السيد جمال الدين الحسيني الأفغاني، جوابا عن الرقيم السابق:
محبي العزيز:
«النيتشر» : اسم للطبيعة، وطريقة «النيتشر» : هي تلك الطريقة الدهرية التي ظهرت ببلاد اليونان في القرن الرابع والثالث قبل ميلاد المسيح، ومقصد أرباب هذه الطريقة محو الأديان، ووضع أساس الإباحة، والاشتراك (¬1) في الأموال والأبضاع (¬2) بين الناس عامة.
وقد كدحوا لإجراء مقصدهم هذا، وبالغوا في السعي إليه، وتلونوا لذلك في ألوان مختلفة، وتقلبوا في مظاهر متعددة، وكيفما وجدوا في أمة أفسدوا أخلاقها، وعاد عليهم سعيهم بالزوال.
وأيما ذاهب ذهب في غور مقاصد الآخرين بهذه الطريقة، تجلى له ألا نتيجة لمقدماتهم سوى فساد المدنية، وانتقاض بناء الهيئة الاجتماعية الإنسانية؛ إذ لا ريب في أن الدين - مطلقا - هو سلك النظام الاجتماعي، ولن يستحكم أساس للتمدن بدون الدين البتة، وأول تعليم لهذه الطائفة إعدام الأديان وطرح كل عقد ديني.
وأما عدم شيوع هذه الطريقة، وقلة سلوكها مع طول الزمن على نشأتها، فسببه أن نظام الألفة الإنسانية - وهو من آثار الحكمة الإلهية السامية - كانت له الغلبة على أصولها الواهية، وشريعتها الفاسدة، وبهذا السر الإلهي انبعثت نفوس البشر لمحو ما ظهر منها، ومن هذا لم يبق لهم ثبات قدم، ولم تقم لهم قائمة أمر، ولا شأن لهم في وقت من الأوقات.
ولتفصيل ما ذكرنا، نتقدم لإنشاء رسالة صغيرة، أرجو أن تكون مقبولة عند العقل الغريزي لذلك الصديق الفاضل، وأن تنال من ذوي العقول الصافية نظرة الاعتبار.
وهذه هي الرسالة:
صفحہ 4