الرد على الأخنائي قاضي المالكية
الرد على الأخنائي قاضي المالكية
تحقیق کنندہ
الداني بن منير آل زهوي
ناشر
المكتبة العصرية
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤٢٣هـ
پبلشر کا مقام
بيروت
فصل [المصنف لا يحرم زيارة القبور الزيارة الشرعية]
ثم قال المعترض: وصحّ عن النبيّ ﷺ أنه خرج إلى زيارة قتلى أحد وإلى بقيع الغرقد. وهذا الأمر لا ينكره من أئمة النقل أحد. وفي الصحيح أنه ﷺ استأذن ربه في زيارة قبر أمه فأذن له، وأجيب في ذلك لما سأله. فعلام يحمل هذا القائل زيارته لقبر أمه ومشيه الذي منه صدر؟ فإن حمله على التحريم فقد ضلّ وكفر، وإن حمله على الجواز والندب فقد لزمته الحجة والتقم الحجر.
يقال: هذا الكلام مبنيّ على افترائه المتقدم، وهو أن المجيب يحرّم زيارة القبور مطلقا، وقد تقدم أن هذا افتراء عليه، بل هو يجوّز زيارة قبور المؤمنين للدعاء لهم والاستغفار، ويجوز زيارة قبر الكافر للرقة والاعتبار؛ كزيارة النبي ﷺ قبر أمه.
ثم يقال له: أولا: النبي ﷺ لم يسافر لزيارتها بل ذلك في طريقه لما فتح مكة.
ويقال له: من أين لك أنه مشى إلى قبر أمه؟ وإن كان المشي جائزا فإنه إنما زارها في طريقه في السفر، وكان راكبا وقبرها كان بارزا، فعله لما نزل عنده، وقبرها كان بالأبواء، بل نزل عنده لم يحتج إلى المشي إليه، ولكن هذا لا خبرة له بالنصوص كيف قيلت، ولا بتفصيل أفعال النبي ﷺ.
ويقال له: هذه الزيارة ليست من جنس زيارة قبور الأنبياء والصالحين التي يقصد بها التبرك بهم، ودعاؤهم والاستشفاع بهم، فإن هذا لا يجوز أن يقصده النبي ﷺ بزيارة أهل البقيع وقتلى أحد، فكيف بقبر أمه؟
بل هذه الزيارة للرقة والاعتبار، وهذه جائزة ما زال المجيب يجوّز هذه وأمثالها، وهذا مذكور في عامة كتبه وفتاويه، معروف عنه عند كل من يعرف ما يقول في هذا الباب. وليس في جواب الفتيا المتنازع فيها نهي عن هذا، ولا حكاية النهي فيها عن أحد.
والحديث قد رواه مسلم في صحيحه من وجهين عن أبي هريرة، قال في أحدهما: «استأذنت ربي في أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي، واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي». وقال في الآخر: زار النبي ﷺ قبر أمه فبكى وأبكى من حوله فقال ﷺ:
«استأذنت ربّي في أن أستغفر لها، فلم يأذن لي، واستأذنته في أن أزور قبرها؛ فأذن لي، فزوروا القبور فإنها تذكّركم الموت». وهذه الزيارة كانت عام الفتح في سفره.
1 / 96