61

رب الزمان

رب الزمان: الكتاب وملف القضية

اصناف

بقسمه في بدر الكبرى.» لكن القطب الصوفي يرفض ذلك الخبر برمته كما لو كنا قد افتريناه، أو ليجعل القارئ يعتقد ذلك، بينما الخبر متواتر في كتب السير والأخبار الإسلامية، فإذا كان في الأمر ملامة فهي على السيد اللواء؛ لأنه لا يقرأ، وإذا كان مصرا فليتوجه بمعركته إلى التاريخ الإسلامي ولا نظنه بفارس لهذا الميدان.

ونعم قلنا إنه كان للعرب في زمن بعيد، عدد من بيوت الآلهة التي كانت تبنى على هيئة المكعب؛ لذلك سميت كعبات، وذكرنا منها بيت اللات وكعبة نجران، وكعبة شداد الأيادي، وكعبة غطفان، والكعبة اليمانية، وكعبة ذي الشرى، وكعبة ذي غابة، وأرفقنا مصادرنا في الهوامش (الإكليل الهمداني، وتاج العروس للزبيدي، وأصنام ابن الكلبي، والمفصل لجواد علي) مع كل معلومات النشر وأرقام الصفحات، فلم نفتر شيئا من عندنا، ثم ماذا في الأمر من مزعجات يريد بها فتنة القارئ؟ إنه يسرب للقارئ قوله: «إن الكاتب يقصد أن كعبة مكة بدورها من صنع العرب.» نعم إنها من صنع العرب، فقد تهدمت وبنيت عدة مرات، وكل مرة كانت تبنى من طين الأرض وحصبائها وخشبها، وكان بناتها هم العرب أيها القارئ الكريم، ولا شك أن ذلك أمر معلوم، والغرض عند السيد اللواء - مما يقول - أيضا مفهوم.

وفي أقوال الشيخ اللواء متفرقات أخرى، مثل قوله: إننا تجرأنا في تفسير القرآن، كما في تفسير الزنيم بأنه ابن الزانية في الآية الكريمة

هماز مشاء بنميم * عتل بعد ذلك زنيم

والمضحك المبكي في أمر اللواء وهو يلوي الكلام ليحرض علينا، نفيه لذلك المعنى، وإتيانه بالمعاني التي يراها صادقة؛ ومنها «الزنيم هو الذي لا أصل معروف له. وقيل هو الدعي الملحق بقوم وليس منهم.» وهكذا يتوهم سيادته في القارئ عدم الفطنة، غير مدرك أن القارئ سيلمس بوضوح أن حضرة اللواء لم يأت بجديد؛ ومعلوم أن مكة قبل الإسلام كانت تغص بصاحبات الرايات الحمر (الزانيات بالأجر)؛ لذلك كان طبيعيا أن يكثر أبناء الزنى والأدعياء. وفي حادثة نسب لعمرو بن العاص إشارة واضحة لكيفية حل مثل تلك الإشكاليات في الجاهلية، فهل كان السيد اللواء يعلم، أم كان يلوي الكلام، أم هو بحاجة لأن يعلم؟ على أية حال كلنا دائما بحاجة لأن نعلم ونتعلم، فقط يجب أن يتسم بنزاهة الغرض وعلمية المقصد.

ويأتي الشيخ اللواء بقولنا: «إن النبي

صلى الله عليه وسلم

قام يؤلب العبيد على أسيادهم بندائه اتبعوني أجعلكم أنسابا.» ويحتج على قصرنا ذلك النداء على العبيد، ويزعم أنه كان موجها للعرب كافة، وأننا بذلك لا نعلم من التاريخ الإسلامي شيئا! لذلك، وفي حدود علمنا الضعيف نفهم أن ذلك النداء لو كان شاملا للعرب جميعا، لكان معنى ذلك أن جميعهم كانوا بلا نسب، حيث كان النسب له أهميته القصوى في البيئة القبلية، حيث لا شرطة، ولا أولوية لحفظ الأمن، فقط كانت قوة النسب هي الضامن القبلي لحماية الفرد، وحيث لا حماية لمن لا نسب له، وعليه لا يصح التوجه بالنداء «اتبعوني أجعلكم أنسابا» إلا لفاقد النسب؛ لذلك منح النبي

صلى الله عليه وسلم

نسبه لعبده زيد بن حارثة بعد أن أعتقه، وهو المثال الذي ضربناه ولم يعجب السيد اللواء.

نامعلوم صفحہ