وقول آخر:
الضاربين بكل أبيض مخذم
والطاعنين مجامع الأضغان
في الجهاد والصبر على الشدائد
ومن أحسن ما قيل في فضل الجهاد والصبر على شدائده، قول النبي
صلى الله عليه وسلم : «الروحة والغدوة في سبيل الله أفضل من الدنيا وما فيها.» و«الجنة تحت ظلال السيوف.» و«والذي نفسي بيده لولا أن رجالا من المؤمنين لا تطيب أنفسهم أن يتخلفوا عني ولا أجد ما أحملهم عليه، ما تخلفت عن سرية تغزو في سبيل الله، والذي نفسي بيده لوددت أن أقتل في سبيل الله، ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا ثم أقتل.»
وقال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - يوم صفين، وقد قيل له: أتقاتل أهل الشام الغداة، وتظهر بالعشي في إزار ورداء؟ فقال: أبالموت تخوفونني؟ فوالله ما أبالي أسقطت على الموت أم سقط الموت علي! بقية السيف أنمى عددا، وقيل له: إن درعك لا ظهر لها، فقال: إذا استمكن عدوي من ظهري فلا يبقى!
وقال خالد بن الوليد عند موته: لقيت كذا وكذا زحفا، وما في جسدي موضع إلا فيه طعنة برمح، أو ضربة بسيف، أو رمية بسهم، وها أنا ذا أموت على فراشي حتف أنفي كما يموت البعير، فلا نامت أعين الجبناء!
وقال عبد الله بن الزبير لما بلغه قتل أخيه مصعب: إن يقتل فقد قتل أخوه وأبوه وعمه، إنا والله لا نموت حتفا، ولكن قعصا بأطراف الرماح، وموتا تحت ظلال السيوف!
وقيل للمهلب بن أبي صفرة: إنك لتلقي نفسك في المهالك! فقال: إن لم آت الموت مسترسلا أتاني مستعجلا، إني لست آتي الموت من حبه وإنما آتيه من بغضه، وتمثل بقول الحصين بن الحمام:
نامعلوم صفحہ