قطب السرور في أوصاف الأنبذة والخمور
قطب السرور في أوصاف الأنبذة والخمور
وروى مالك عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله (ص) كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام، مع أحاديث كثيرة، هذا أشدُّها إفصاحًا وأبعدها من حيلة التناول. والشاهد على ذلك من النظر، أن الخمر إنما حرمت لإسكارها وجرائرها على شاربها، وسائر هذه الأنبذة تفعل كما تفعل. ويوروى عن رسول الله (ص) أنه قال: أكبر الكبائر قتل النفس التي حرَّم الله، وشرب الخمر وعقوق الوالدين وقذف المحصنات، والرار من الزحف، وترك الصلاة متعمدًا، فمن فعل منها شيئًا فهو بريء من الإيمان. وعن أبي موسى الأشعري أنه قال: والله ما كنت أُبالي شربت قدح خمر أو عبدت هذه السارية من دون الله، سمعت رسول الله (ص) يقول: لا يزال المؤمن في فسحةٍ من دينه ما لم يشرب خمرًا أو يهرق دمًا. وعن عائشة ﵂: سئل عن البتع، وهو نبيذ العسل فقا: كل شراب أسكر فهو حرام، [و] قال: ما أسكر كثيره فقليله حرام. وقال (ص) من شرب شرابًا حتى يذهب بعقله الذي أعطاه الله فقد أتى بابًا من أبواب الكبائر. وعن مسروق بن الأجدع قال: شارب الخمر كعابد وثن. ومدمن الخمر كعابد الات والعُزى. وعن شعيب بن حرب قال: قال الله ﷿: لأن يسرق أَحبُّ إليَّ من أن يسكر لأنهإذا سكر لم يعرفني. وعن أبي سعيد الخدري أن النبي (ص) قال: إن المؤمن إذا تناول الخمر ليشربها قال الله تعالى، عبدي راقِبني في شربها، فوعزتي وجلالي لئِن شربتها لأسقينك من طينة الخبال. فمن شربها صباحًا أمسى وهوكافر بالله، ومن شربها مساءً أصبح كعابد اللات والعزى وإنه لبريء من الإيمان والإيمان بريءٌ منه، وإن مات على ذلك مات ميتة جاهلية وحشر يوم القيامة مع عبدة الأوثان والأصنام إلى النار.
وعن جعفر بن محمد قال: قا رسول الله (ص): من أدخل عِرقًا من عروقه قليل ما أسكر كثيره، عذَّب الله ذلك العرق بثلاثمائة وستين لونًا من العذاب. وعنه أن رسول الله (ص) قال: لا أشفع لمن تهاون بطلاءٍ ولا أشفع لمن شرب مسكرًا. وقال (ص): من شرب الخمر لم يقبل الله له صلاةً أربعين يومًا فإن عاد لم يقبل [له] الله صلاة ثمانين يومًا، فإن عاد كان حقًا على الله أن يسقيه من طينة الخبال، قيل: يا رسول الله، وما طينة الخبال؟ قال: صديد أهل النار وقيحهم. قال: وسمعت رسول الله (ص) يقول: لُعن شارب الخمر وساقيها وعاصرها وبائعها وشاريها وحاملها والمحمولة إله وآكل ثمنها. وقال سمعته (ص) يقول: من قعد على مائدة فيها شراب فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه. قال: وسمعته (ص) يقول: من مات والخمر في جوفه قبض ملك الموت روحه وهو سكران، ودُليَّ في قبر هـ وهو سكران وأُمر لبه إلى النار وهو سكران. قال، وسمعته يقول: من شرب من الخمر شربةً لم يشربها وإن دخل الجنة، يسلبه الله ذكرها وشهوتها ولا يدعو بها في الجنة. وعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله (ص): من شرب الخمر فاجلدوه، وإن عاد فاجلدوه، وإن عاد فاجلدوه، وإن عاد الرابعة فاقتلوه، قال، فأتي رسول الله (ص) برجل من الأنصار يقال له نُعيمان، شرب الخمر فجلده، ثم عاد فجلده ثم عاد فجلده، ثم عاد الرابعة جلده، فرأى المسلمون أنَّ الحد قد ثبت وأن القتل قد رفع، وكان لا يزال يؤتى به شاربًا فيقول: اضربوه فيضربونه بالجريد والنعال، فقال رجل من القوم، إلعنه، ما أكثر ما ؤتى به، فقال رسول الله (ص) لا تسبه فإنه يحب الله ورسوله.
وقيل لعدي بن حاتم: ما لك لا تشرب النبيذ؟ قال: لئلا أُصبح حليم قومي واُمسي سفيههم. وقيل لعثمان بن عفان (رض) ما منعك من شرب الخمر، ولا حرج عليك في شربها؟ قال: لأني رأيتها تذهب العقل جملةً، وما رأيت شيئًا ذهب جملةً فعاد جملةً. وقال عبد العزيز بن مروان لنُصيب: هل لك فيما يُحسن المجالسة وينتج المؤانسة، فقال: أصلح الله الأمير، الشعر مفلفل، واللون مُرمد ولم أقرب إليك بكلام عنصر ولا حسن منظر وإنما هو عقلي ولساني، فإن رأيت ألا تفرق بيني وبينهما فأفعل. وقال النعمان العبدي لابنه ساعدة: يا بني إن كثررة الشراب تفسد القلب وتغير اللب، واعلم أن الظمأ الذابح خير من الرِّيِّ الفاضح؛ وقال بعض الحكماء: الشراب أول الخراب ومفتاح كل باب، يمحق الأموال ويذهب الجمال ويهدم المروءة ويوهن القوة ويضع الشريف ويهين الظريف ويُذل العزيز ويبيح الخريز ويفلس التجارة ويهتك الأستار، وقال الشاعر:
1 / 114