وصادق صفوان يعيش في بيت ينعم بالحب والوفاق والحياة الزوجية المستقرة، وهو - كوحيد لوالديه - يحظى بكل رعاية، غير أن البلوغ يعتبر من الأسرار المحظور الاقتراب منها، ترك مع بلوغه وتدينه بغير مرشد أو معين، حتى قال لنا مرة: لا علاج لهذا الداء إلا بالزواج، ولكن متى الزواج؟!
وهو يحب والديه ولا يخاف منهما، مثله في ذلك مثل طاهر عبيد، وبدأ صفوان أفندي النادي يصطحبه معه إلى صلاة الجمعة بسيدي الكردي، فننتظر حتى يرجع إلينا صادق فيسأله طاهر ضاحكا: ألا يدخل طرف شارب والدك في عين من يجاوره عند السجود؟
والأب لا يكف عن حث ابنه على الاجتهاد ليستقر في وظيفة مناسبة طالما أنه لا مستقبل للفقير إلا الوظيفة، ويصارح صادق أباه بحلمه قائلا: أريد أن أكون غنيا مثل رأفت باشا.
فيقول الرجل: الرزق بيد الله ولكن تفكيرك غير سليم. - ألم يبدأ من مستوى قريب من مستوانا؟!
فيقول صفوان أفندي ضجرا: لا تبدد طاقتك في الأحلام الفارغة.
ويقول له إسماعيل قدري: كل إنسان يحب الثراء ولكن الحب شيء والعمل شيء آخر.
سراي آل رأفت تعشعش في دماغه بأناسها وجمالها، وفتنة تواضعهم أكثر من أي شيء في الوجود. ولا شك أن أميرة أيقظت قلبه من براءته، رغم فارق السن، ورغم أنها موشكة على الزواج، بل إنها فتنت الجميع بطريقة ما. •••
وحمادة - ابن البطل - مضى يمتد طولا ورشاقة، ويتجلى فيه مظهر ابن الذوات الأصيل؛ يتكلم بتؤدة، ويشتق كلماته من قاموس مهذب، ولعله كان ينعزل عن العالم في كبرياء - مثل محمود بن رأفت باشا - لولا وقوعه في صداقتنا، ولم يتخل عن هذا الجانب الشعبي طيلة حياته. شد ما حزن لانتقال أخته أفكار إلى بيت الزوجية، هي الصديقة الوحيدة في بيئة معادية، أخوه توفيق موضع الحظوة ومعقد الأمل، يتبادلان عواطف فاترة، قال له مرة: أصحابك لا يعجبونني.
فقال بحدة: ولكنهم يعجبونني وهذا ما يهم.
وسعى توفيق إلى إثارة الموضوع مع والدهما بحضور حمادة فقال الباشا: على المرء أن يحسن اختيار أصدقائه.
نامعلوم صفحہ