فهتف طاهر عبيد: أنت إنسان غير طبيعي.
وانقطع عنا الصباغ بسبب ما، ولكننا لم ننقطع عن كلوت بك. صادق صفوان الوحيد الذي لم يكرر التجربة بعد أن أثار الحي كله اشمئزازه ولم يتفق مع تدينه وذوقه، طاهر لم يتخلف ولكنه كان في الغالب يجلس في مقهى بلدي يسمع العربي ويتأمل الخلق، وعن له رأي في الموضوع فقال: هذا معرض للنساء والرجال في غاية الشذوذ والسوء، فعلى مريده أن يفقد وعيه أولا قبل أن يقدم عليه. •••
ومع السياسة والثقافة والجنس أشرق علينا الحب بنوره، وأول من ثمل بخمره المطهرة كان صادق صفوان، يوم رأى إحسان بصحبة أمها ست فاطمة يغادران مسكنهما بشارع أبو خودة. صاحبنا كان في السادسة عشرة وإحسان بنت ثلاثة عشر، كلما مررنا قريبا من المسكن في طريقنا إلى قشتمر ارتفعت عيناه بين خدين مضرجين إلى النافذة بالدور الثاني، وإحسان أنضج من سنها بكثير، ممتلئة الجسم في رشاقة، ووجهها مستدير مائل للبياض، وشعرها كستنائي غزير، وعيناها عسليتان صافيتان، وثغرها غاية في الدقة، يوصف عادة بأنه خاتم سليمان، ووضح للجميع أن البنت معجبة به، أو على الأقل معجبة بإعجابه بها، وقال لنا صادق بنشوة: البنت مثل التفاحة.
وكلها حيوية، وعرفنا أن أباها يدعى إبراهيم الوالي، موظف صغير كثير العيال، وسأله طاهر عبيد: هل عرفت الآن ما هو الحب؟
فقال صادق في غير قليل من الارتباك: أنا منبهر بخفتها، وتدور بي الأرض عندما تلقي علي نظرة ، وكلما تذكرتها شعرت بسعادة عجيبة.
فقال طاهر عبيد: شعرت بمثل ذلك نحو ماري بكفورد، وبشيء شبيه به نحو صديقات شقيقتي في زمن مضى.
فقال صادق: إنك لم تحب بعد.
وقال إسماعيل قدري: أنا أسيطر على نفسي بفضل غابة التين الشوكي وكلوت بك وانهماكي في العمل. لي جارة بنت الجيران ولكن لا صبر لي على إهمال عملي والوقوف في النافذة.
والتفت حمادة الحلواني نحو صادق قائلا: ها أنت تحب، فما الخطوة التالية؟!
فقال ضاحكا: صبركم، أنا لم أفق بعد.
نامعلوم صفحہ