وقد أراد عمر بذلك رغم ما فيه أن ينقل المجتمع إلى الفكر الجماعي فيتعودون على اختيار الخليفة عن طريق الشورى، لاسيما وأنه قد أعلن: أن من بايع رجلا عن غير مشورة من المسلمين فلا يبايع هو ولا الذي بايعه(1)؛ ولكن الأمور لم تجر كما يجب، وعاد الفكر الجماعي إلى الفكر الفردي واختزل الستة إلى واحد، وذلك أن طلحة تخلى عن صوته لعثمان، وتخلى الزبير لعلي، وتخلى سعد بن أبي وقاص لعبد الرحمن بن عوف، فذهب ثلاثة وبقي ثلاثة، وأدرك عبد الرحمن أنه ليس في مقام علي أو عثمان، فاقترح أن يتخلى واحد من الثلاثة الباقين عن حقه على أن يكون اختيار الخليفة موكول إليه، فأبى التنحي كل من عثمان وعلي، فتنحى هو، وبذلك تلاشت الشورى، صار الأمر في يد عبد الرحمن بن عوف بمفرده!! وكان عبد الرحمن يعلم أن عثمان امتداد لخط الشيخين، ولن يتردد في المضي على خطهما، أما علي فكان مجتهدا وصاحب رؤية يحب أن يعالج الأمور كما يراها، ولم جد أحدا له حق الإتباع المطلق بعد الله ورسوله.
صفحہ 30