واستمر المسلمون بقيادة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في توسيع دعوتهم لتتجاوز البلاد العربية إلى بلاد الفرس والروم وغيرها، فشكلت بذلك حضارة جديدة تستمد منهجها من تعاليم الخالق عز وجل، ولا تحد بحدود الأوطان والعشائر والحضارات.
***
وبعد الفتح شهدت المدينة أرسالا من الناس تدفقوا من مختلف الجهات نحو عاصمة المسلمين، رغم إعلان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن « لا هجرة بعد الفتح»(1). وهذا الإعلان يحمل كثيرا من الدلالات، منها: أن مكة وسائر البلدان التي أعلنت إسلامها قد صارت مجتمعا إسلاميا كالمدينة، فلا داعي للنزوح عنها. ومنها: أنه أراد التمييز بين المهاجرين الذين أثنى الله ورسوله عليهم لسبقهم وجهادهم وبين غيرهم من اللاحقين.
وكان معظم القادمين إلى المدينة من قريش، حيث لحق بها ألفان من مسلمة الفتح كما يقول المؤرخون بينما كان المهاجرون الأولون من قريش لا يتجاوزون بضع مئات.
ومع مرور الزمن استطاع القرشيون أن يمحوا من الأذهان إلى حد كبير مواقفهم السلبية ضد الإسلام، مستغلين مكانة المهاجرين السابقين وكونهم قوم رسول الله وعشيرته، وفي فترة وجيزة أخذت ملامح نفوذهم تبرز يوما بعد يوم، مما أوحى بصراع محتمل بين الزعامة التاريخية في جزيرة العرب المتمثلة في قريش، وبين الزعامة التي أراد الإسلام أن تقوم على أساس الكفاءة والصلاح.
صفحہ 13