ناهيك عن أن القول بقدمه يلزم منه إشراك قديم آخر مع الله وبالتالي إله آخر باعتبار أن القدم من صفات الإله ، وهذا مناف لعقيدة التوحيد ، وهو محور المسألة بالنسبة للعدلية ، ذلك أن موضوعها بالنسبة لهم متعلقة بالدرجة الأولى بعقيدة التوحيد وما تقتضيه من وجوب تنزيه الله عن أن يشاركه أحد في القدم وبالتالي في الألوهية ( وسيتضح ذلك اكثر لاحقا ) .
هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى فإن الخلاف حول القرآن على هذا النحو الذي بيناه سابقا ، ترتب عليه خلاف حول إحدى صفات الله عزوجل وهي صفة التكلم بالنسبة للعدلية ، والكلام بالنسبة لمخالفيهم ، مع اتفاقهم - لفظا - على وصف الله تعالى بأنه متكلم ، غير أنهم اختلفوا في معنى كونه متكلما تبعا لخلافهم حول مسألة القرآن ، ذلك أن القول بقدم القرآن وقدم سائر كلام الله المنزل على رسله على اختلاف كتبه كان يعني أن الله سبحانه وتعالى متكلم بكلام أزلي قديم ، أي لم يزل متكلما كما لم يزل قادرا عالما !! ، وهو ما قالوه بالفعل لتصبح صفة التكلم التي عبروا عنها بالكلام من صفات الله الأزلية القديمة ، ليلحقوها بصفات الذات مثلها مثل القدرة والعلم ، وحتى لا يكون كلام الله الذي وصفوه بالأزلية والقدم شيئا مستقلا ومنفصلا عن الذات ، ما يعني وجود قديم آخر غير الله مستقل بذاته ، فقد قالوا بأن كلام الله قائم بذاته ، كما هو قولهم في سائر صفات الذات .
وعليه فإن المتكلم عندهم من قام بالكلام .
صفحہ 17