أما بالنسبة لمسألة كونه مخلوقا أم قديما ؟ فهي مسألة خلافية لا علاقة لها مطلقا بما تقدم ، كما أن موضوعها لا يدور حول القرآن تحديدا وحصرا من حيث اختصاصه بالإسلام والمسلمين ، وإنما يدور أساسا حول كلام الله بوجه عام المتمثل في القرآن الكريم بشكل خاص مع إيمانهم بالطبع بالكتب السماوية السابقة له من حيث أنها كتب منزله من عند الله تعالى ، وهي كلامه سبحانه وتعالى قبل أن يجري عليها ما جرى ، فإن قيل بأن كلامه قديما أزليا كان القرآن كذلك وسائر الكتب السابقة ، وإن قيل بأنه مخلوق محدث كان القرآن كذلك وسائر الكتب السماوية أيضا .
وعليه فإن القول بأن القرآن قديم ( أو غير مخلوق ) لا يعني - كما يتصوره البعض - أن هناك مصحفا قديما مكتوبا بحرفه ونصه على النحو الذي هو بين أيدينا اليوم ، كان مع الله في الأزل ثم أنزله بعد ذلك على نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وكذلك الحال بالنسبة للكتب الأخرى ، لأن ذلك مصادم تماما لعقيدة التوحيد ، باعتباره إثباتا واضحا وصارخا لقدماء آخرين مع الله ( مستقلين بذواتهم ) ، وبالتالي آلهة أخرى مع الله سبحانه وتعالى .
والقائلون بقدم القرآن - وإن كان فيه شيء من ذلك وفق ما يلزم عن قولهم كما سنبينه لاحقا - إلا أنهم لا يقولون بذلك التصور على ذلك النحو ، ولا يقصدونه بقولهم ذاك وإنما يعني أن كلام الله الذي نقرأه مكتوبا بين دفتي المصحف الذي بين أيدينا قديم أزلي ، تكلم الله به في الأزل ! قبل أن يخلق أحدا من الخلق المكلفين والمخاطبين بكلامه ذاك ، وكذلك الحال بالنسبة للكتب الأخرى وكلامه فيها الذي أنزله بعد ذلك على أنبيائه ورسله !!..
أما بالنسبة للقائلين بخلق القرآن فقد أكدوا من خلال قولهم هذا بأن كلام الله الذي نقرأه في القرآن ليس أزليا قديما ولا تكلم الله به في الأزل ، وإنما خلقه وأحدثه وفصل آياته وأحكمه وأنزله على نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم .
صفحہ 16