ومن المؤسف أن علماء وأقطاب ومرجعيات هذا التيار المتأخرين والمعاصرين لا زالوا يعتمدون في كتبهم ومؤلفاتهم في العقائد أحكام أسلافهم التكفيرية ، ويقدمون تلك المسألة لأتباعهم على أنها مجرد قول من أقوال الزنادقة وأهل الضلال والأهواء !! ، ولا يعترفون حتى مجرد الإعتراف بأن المسألة برمتها ) القرآن هل مخلوق أم غير مخلوق ؟) مسألة فكرية خلافية بين المسلمين ، ولا يتركون لأتباعهم من طلاب ودارسين وخطباء وغيرهم مجالا لأن ينظروا إليها باعتبارها جزءا من الفكر الإسلامي ، فضلا عن أن يعرضوا رأي مخالفيهم وأدلتهم بأمانة وموضوعية من كتبهم ، ويقدموا بعد ذلك رأيهم وأدلتهم وتفنيداتهم ، لتكون الصور واضحة ، والحقيقة مطروحة أمام الجميع دون حجب أو تغييب أو تضليل أو تعتيم أو تشويه لرأي الخصم ، ناهيك عن التكفير الذي يفترض أن يعودوا في أمره إلى الشرع وضوابطه ، لا إلى أسلافهم وما حكموا به وتجاوزوا فيه حدود الشرع .
وإنطلاقا من كل ما سبق فقد رأيت أن أتناول هذه المسألة من زاوية فكرية محضة ، موضحا من أمرها ما يجهله غالبية الناس بما فيهم متعلمون ومثقفون وغيرهم ومبينا حقيقتها وموضوعها الكلامي الدقيق لأولئك الذين يرددونها بلا علم ، أو يحملون فكرة مغلوطة عنها أو تصورا خاطئا أو صورة مشوهة أو سطحية ، إلى جانب أولئك الذين باتت تشغل بالهم بعد أن تردد عنوانها وتسامعوا به وأثير ضد بعضهم ، خدمة للفكر الإسلامي وتبصرة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد .
صفحہ 13