فالأسماء هي: طلل، ربوع، مغان، بروق، رعود، صبا، رياح، جنوب، سماء، طريق، عقيق، نقا، جبال، تلال، رمال، ربى، رياض، غياض، خليل، رحيل، حمى.
والأفعال هي : أنجد ، أتهم، أفل.
والحروف هي: ها، يا، ألا، أما.
والضمائر هي: هي، هو، هم، هن، هما (وكلها ضمائر الغائب مفردا ومثنى وجمعا).
والأسماء المقرونة بالأفعال: بكت السحب، ابتسم الزهر، أفلت بدور، أنجم نبات.
والحروف مع الأسماء: يا حداة، ويا ورق الحمى.
أي أن صنوف الكلام على اختلافها، ينبغي أن تؤخذ مأخذ الرمز الرامز إلى «أسرار» و«أنوار» «جاء بها رب السما» لفؤادي أو فؤاد أي إنسان آخر توافرت له - ما قد توافر لي - «من شروط العلما».
ولكن هل يكفي أن يقال لنا: كلما وجدتم هذه الرموز أو أشباهها فاصرفوها من معانيها الظاهرة إلى معان باطنة؟ إن مثل هذا التحذير وحده قد يترك الباب مفتوحا إلى أي معنى يطرأ على ذهن القارئ عند التأويل. فافرض أنني صادفت كلمة «جبل»، وأردت صرفها عن معناها القاموسي المعروف، فبماذا أفسرها؟ أأتخذها رمزا للسمو أم للصلابة أم للمشقة والجهاد أم للرياضة واللهو أم لوحشة المعتزل، أم لبرودة الرأس بالقياس إلى حرارة القلب؟ هل استوحى «الجبل» جمالا مؤنسا أو جلالا مروعا مهيبا؟ عشرات المعاني قد تتخذ على أنها هي التي ننصرف إليها من المعنى الظاهر، فهل عند ابن عربي قاعدة أخرى تكمل قاعدته الأولى، فتبين وجهة السير التي ننتهجها عند تأويل الظاهر بمعنى باطن؟ نعم، فقد ورد في شرحه للبيت الأول من قصيدة «الطلل الدارس» (ص75) ما يدل بعض الدلالة على رأيه في ذلك؛ إذ يقول إن الأمر متوقف على طبيعة الموقف وسياق الحديث، مقررا «أن الإنسان فيه مناسب من كل شيء في العالم، فيضاف كل مناسب إلى مناسبه، بأظهر وجوهه، وتخصصه الحال والوقت والسماع بمناسب دون غيره من المناسب، إذا كانت له مناسبات كثيرة لوجوه كثيرة يطلبها بذاته.» ولو قلنا هذا القول بعبارة من عندنا تترجمها، لقلنا: إن الإنسان كون أصغر فيه كل ما في الكون الأكبر من صفات وخصائص، بحيث يصبح في مستطاعه أن يواجه كل شيء في العالم بالجانب الذي يناسبه ساعة الإلهام، فإذا قيل «جبل» - مثلا - اخترنا من موحياته الكثيرة معنى يلائم ما نحن فيه، يساعدنا في هذا الاختيار ما في طبائعنا من خصوبة وغنى كما يساعدنا كذلك اللسان العربي الذي من مميزاته أن «يعطي التفهم بأدنى شيء من متعلقات التشبيه.» (انظر ص105)، فحسبنا أن يجيء الرمز مشيرا أدنى إشارة إلى المرموز له لندرك الباطن المنشود من وراء الظاهر.
ويضيف ابن عربي إلى قواعده النظرية هذه، مثلا تطبيقيا للطريقة التي يريد لشعر ديوانه أن يفهم بها، إذ يروي حكاية جرت له في الطواف فيقول: «كنت أطوف ذات ليلة بالبيت، فطاب وقتي، وهزني حال كنت أعرفه، فخرجت من البلاط من أجل الناس، وطفت على الرمل، فحضرتني أبيات، فأنشدتها، أسمع بها نفسي ومن يليني، لو كان هناك أحد، وهي قوله:
ليت شعري هل دروا
نامعلوم صفحہ