يسلكان الطريق المستقيم من غير أن ينعطفا يمنة أو يسرة. وفي اليوم الثالث يصلان إلى المكان الذي اعتاد «إيباني» أن يشرب منه، ويستخفي «تسايدو» والفتاة، ويظلان حيث هما يوما ثم يومين، على مقربة من مكان الاستسقاء، ثم يقدم «إيباني».
وهنا تمضي القصة في وصف طويل للقاء بين «إيباني وأوخوت»، ولم تجد «أوخوت» من صعوبة في أن تجذب إيباني إليها بجمالها الفتان. وظل «إيباني» ستة أيام وثماني ليال لا يتذكر شيئا، ولا يعرف شيئا من أخذته الأولى التي أخذها بجمال «أوخوت» وحبها الذي تملك كل قلبه، وبعد أن عاد إلى رشده تفقد غزلانه وقطعانه التي كانت تتبعه أينما سار، فوجد أنها لا تتبعه كما كانت تتبعه أولا، فخر يأسا تحت قدمي «أوخوت»، وهنا تخبره عن مدينة إريخ وعن ملكها:
إنك جميل يا إيباني! إنك أشبه بالآلهة! لماذا تبقى في الوديان تذرعها مع وحوش البرية وسوائمها؟ تعال معي؛ فإني سأقودك إلى «أرك» الحصينة ذات الأسوار القوية ، إلى القصر اللامع، مقر «عانو» و«عشتار»، إلى قصر «غلغامش» الكامل القوة، والذي يخضع البشر بقوته العظمى، كما يخضعهم ثور الجبال.
ووجد «إيباني» في كلام «أوخوت» حلاوة وقصدا محببا، فرغب في صداقة «غلغامش»، وصارح أنه راغب في أن يتبع الفتاة إلى مدينة «إريخ»، وبذلك بدأت رحلة «تسايدو وإيباني وأوخوت» إلى المدينة.
غلغامش يلتقي بإيباني
وكان عيد «عشتار» قائما عندما وصلوا إلى «أرك». ولقد سبق إلى وهم «إيباني» أنه لا بد من أن يشتبك في معركة مع «غلغامش» قبل أن يفوز بصداقة هذا البطل، غير أنه أنذر (ولا ندري إن كان الإنذار قد أتاه من طريق الرؤيا أو من طريق أوخوت) بأن «غلغامش» أقوى منه، وأنه فوق ذلك صفي الآلهة، فرجع عن فكرة العراك ... حدث ذلك في الوقت الذي رأى فيه «غلغامش» رؤيا فسرتها له أمه «ريمات-بليت»
Rimat-Belit
بأنها تدل على قدوم «إيباني». أما الجزء الذي يروي لقاء غلغامش وإيباني فمع الأسف مفقود، غير أننا نعرف من القطع التي نستمد منها القصة بأنهما تلاقيا وتصاحبا.
والظاهر أن الأجزاء التالية لهذه من القصة تابعة للوح الثاني، وفيها نجد «إيباني» حزينا كئيبا يندب حريته الأولى، وينحي باللائمة على فتاة المعبد التي أغوته على أن يأتي إلى المدينة. على أية حال نجد أن «شاماش» - إله الشمس - يتدخل في الأمر (والظاهر أن هذا التدخل كان من طريق رؤيا؛ فإن الأحلام تلعب دورا هاما في كل أجزاء القصة)، ويظهر «لإيباني» كل الفوائد التي جناها من قدومه والتحاقه بالمدينة وأهلها، ويجتهد بالترغيب والتمني أن يحمله على البقاء في «أرك»، فيقول:
هذا غلغامش صديقك وأخوك، سيعطيك عربة عظيمة لتنام فيها مهيأة بكل المعدات الضرورية، وسيخصص لك مقعدا عن شماله، وتقبل ملوك الأرض قدميك.
نامعلوم صفحہ