قصة الخلق: منابع سفر التكوين
قصة الخلق: منابع سفر التكوين
اصناف
يبدو أن بداية الألف الثالثة قبل الميلاد، كانت بداية لأهم أحداث المجتمع الإنساني، وأبعدها أثرا، في منطقة الشرق الأدنى بوجه خاص؛ تلك الأحداث التي تركت لنا تراثا ضخما، سجلته المدونات، حين بدأ اكتشاف الكتابة، حوالي ذلك الزمان، أو بعده بقليل.
فحوالي سنة 2900ق.م. كانت مصر قد تحولت من مجموعة مشتركات إقليمية، إلى دولة مركزية موحدة، بينما كان الشعب السومري، قد قضى حوالي خمسة قرون قبل ذلك، يلملم ذاته في جنوبي وادي الرافدين الخصيب، حتى تمكن من تكوين مجموعة مشتركات مدينية، على هيئة مدن مستقلة، يشكل كل منها دولة قائمة بذاتها مع محاولات جادة للتوحيد، لم يكتب لها النجاح الأكيد، ومن ثم لم تقدر لها الاستمرارية. وإن استطاعت هذه المدن - إلى حد بعيد - أن تترك لنا تراثا حضاريا ثريا، يزخر بالقصص والملاحم والأدب الديني، يفسر نشأة الوجود كونيا وكائنيا.
وحوالي نفس الزمان، أو بعده بقليل، تدفقت على وادي الرافدين موجات بشرية مهاجرة، كانت ضمن بحر زاخر من دفقات شعوب مرتحلة، انتشرت بسرعة قياسية على صفحة بادية الشام، وكل بلدان الهلال الخصيب (الرافدين، سوريا، لبنان، فلسطين، الأردن) إضافة إلى بادية الشام، واصطلح على تسمية هذه الهجرات «هجرات الشعوب السامية». وقد زعم كثير من الباحثين أن مصدرها جزيرة العرب، وبالتحديد جنوب الجزيرة، وإن كانت هناك اتجاهات بحثية أخرى لها وجاهتها، قدرت أماكن أخرى كمصدر لهذه الموجات البشرية المتدفقة على شرقي المتوسط، تقصد أماكن الخصب والنماء.
ويلخص «حسن إبراهيم حسن» مختلف اتجاهات الباحثين حول مصدر هذه الهجرات، التي بدأت في الألف الثالثة قبل الميلاد فيما يزعمون، أو هو بالتحديد يلخص أهم الآراء في أصل الشعوب السامية، فيقول: «وقد اختلف المؤرخون في موطن الساميين الأصلي، أهم من بلاد العرب؟ أم رحلوا إليها من أفريقيا (أصلا!) أم رحلوا إليها من بلاد الجزيرة؟ فيقول أصحاب التوراة: إن مهد الإنسان فيما بين النهرين (الرافدين)، ومنه تفرقوا في الأرض فاشتق من الساميين: الآشوريون والبابليون في العراق، والآراميون في الشام والفينيقيون على شواطئ سوريا، والعبرانيون في فلسطين، والعرب في جزيرة العرب، والأثيوبيون في الحبشة. ومرجعهم في إثبات ذلك إلى التوراة. ولا يقول هذا من علماء العصر إلا قليلون. ويرى بعض المستشرقين أن مهد الساميين في أفريقيا. ونظرا لقرب بلاد الحبشة من بلاد العرب إقليما ولغة، قالوا: إن مهد الساميين الحبشة. ويرى بعض آخرون أن مهد الساميين جزيرة العرب، ومنها تفرقوا في الأرض كما تفرقوا في صدر الإسلام. وذهبت طائفة أخرى إلى أن الساميين من جنوبي الفرات، ولكل من هؤلاء أدلة جغرافية أو اقتصادية أو جنسية أو لغوية. ويرى بعض المستشرقين أيضا، أن مهد الساميين في بادية الشام إلى نجد. ولم يقطع العلماء في أصل مهد الساميين برأي حتى الآن.»
1
المهم أن هؤلاء النازحين لم يضيعوا وقتا طويلا، حتى استطاعوا أن يقيموا لهم دولا في المنطقة، وتأتينا أهم هذه الشعوب التي أسست هذه الدول، ما بين الأكاديين
AKADI
الذين تمكنوا من التسلل البطيء إلى بلاد سومر الرافدية، ثم استولوا عليها ووحدوا مدنها في دولة مركزية، بقيادة زعيمهم «سرجون الأول
SHARRUKEN-I » حوالي عام 2450ق.م. وبين الكنعانيين
KANANI
نامعلوم صفحہ