قصة الخلق: منابع سفر التكوين
قصة الخلق: منابع سفر التكوين
اصناف
يقول التكوين السومري: قامت إلهة أنثى بعجن طين، خلقت منه الإنسان الأول، بعد أن عجنت بسائل الخصب «آبسو وآنكي» المني المقدس، وأن الإنكي أو الإنسي عصى أوامر إلهية، فأكل ثمارا محرمة، أصيب بسببها بمرض في واحد من ضلوعه، حتى أشرف على الهلاك، «لن أنظر إليك بعين الحياة حتى تموت.» ولم ينقذه إلا استخراج ضلعه المريضة، لتصنع منها زوجة له، هي «نن تي» أو «ننتو» سيدة الضلع، وتعني أيضا سيدة الحياة أو التي تحيي أو الوالدة، فالإنسان بذلك خلق ذكرا وأنثى معا في ذات واحدة، ثم فصلا بعد ذلك.
يقول التكوين التوراتي: «يوم خلق الله الإنسان، على شبه الله عمله ذكرا وأنثى خلقه، وباركه، ودعا اسمه آدم يوم خلق ... وقال الرب الإله ليس جيدا أن يكون آدم وحده ... فأوقع الرب الإله سباتا على آدم فنام فأخذ واحدة من أضلاعه وملأ مكانها لحما، وبنى الرب الإله الضلع التي أخذها من آدم امرأة ... ودعا آدم اسم امرأته حواء؛ لأنها أم كل حي.» ثم يقول إن حواء الحية (وهي من حوى، وحياة، وحيا أي فرج)، وقد خدعت زوجها (إليه اشتياقها) فأكل معها من ثمرة المعرفة المحرمة، وأول ما عرفاه - وهنا الغريب - أنهما عريانان؟ وهو الفعل الجنسي إذن! وهو ما ذهبنا إليه عند معالجتنا سفر التكوين السومري. (5)
يقول التكوين البابلي: إن الدم هو سر النفس أو الحياة، لذلك كان لا بد كي يوجد الإنسان حيا، أن تخلط النفس الحياة مع الطين، وكان الدم عند الأقدمين هو سر الحياة، عندما كانوا يرون المرأة المتميزة بالقدرة على الولادة تتميز بدورها بالدم الشهري، وأن هذا الدم ينقطع عند الحمل فتصوروا أنه يظل في الداخل ليعطي المولود حياته، وحتى يسلب التكوين البابلي المرأة هذا الحق البيولوجي، وينسبه للرجل قاموا بذبح «كنجو» ليخلطوا دمه بالطين، ويخلقوا الإنسان.
وفي التشريع التحريمي تقول التوراة: لكن احترز ألا تأكل اللحم، لأن الدم هو النفس، فلا تأكل النفس مع الدم (تثنية 21: 23). (6)
في الختم (المفترض أنه سومري حسب تصنيف الآثاريين) رأينا الحية توعز للأنثى الأولى بأكل ثمار التمر (ولا تنس الثمر المحرم الذي أكله آنكي) فتدعو زوجها لأكله، مما يؤدي إلى انتهاء الخلود الفردي وبداية خلود النوع بالتناسل، بخروج إنكى أو إنسي وزوجته «نن تى»، من أرض الخلود دلمون، وكان الخلود يتمثل في نبتة لو أكلها الفاني خلد. وفي ملحمة جلجامش علمنا أن هذه النبتة لا تنمو إلا في أرض الخلود «دلمون» مقر الآلهة الخالدة.
ويقول التكوين التوراتي: وغرس الرب الإله جنة في عدن شرقا، ووضع هناك آدم الذي جبله ... وشجرة الحياة في وسط الجنة وشجرة معرفة الخير والشر ... وأخذ الرب الإله آدم ووضعه في جنة عدن ليعملها ويحفظها وأوصى الرب الإله آدم قائلا: من جميع شجر الجنة تأكل أكلا، وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها، لأنك يوم تأكل منها موتا تموت (ثم خلق له حواء كما شهدنا)، وكانت الحية أحيل جميع حيوانات البرية التي عملها الرب الإله ... فقالت الحية للمرأة: لن تموتا، بل الله عالم أنه يوم تأكلان منه تتفتح أعينكما، وتكونان كالله عارفين الخير والشر، فرأت المرأة أن الشجرة جيدة للأكل ... فأخذت من ثمرها وأكلت وأعطت رجلها أيضا معها فأكل، فانفتحت أعينهما وعلما أنهما عريانان، فخاطا أوراق تين صنعا لأنفسهما مآزر ... وقال الرب الإله هو ذا الإنسان قد صار كواحد منا عارفا الخير والشر، والآن لعله يمد يده ويأخذ من شجرة الحياة أيضا ويأكل ويحيا للأبد ... فطرد الإنسان، وأقام شرقي جنة عدن الكروبيم ولهيب سيف متقلب لحراسة طريق شجرة الحياة (ولنلحظ أن شجرة الخلد لم تكن محرمة أصلا، ولكن أكل آدم من شجرة المعرفة نبه الرب الإله إلى أنه غفل عن أمر شجرة الحياة، مما اضطره إلى طرد المخلوق البشري من موطن هذه الشجرة، حتى لا يخلد كالآلهة). (7)
والغرض من خلق الإنسان في التكوين السومري والتكوين البابلي، هو أن يحمل الإنسان عناء عمل الآلهة، بأن يزرع الأرض ويعمل فيها ليحفظها.
وفي التكوين التوراتي أخذ الرب الإله آدم، ووضعه في جنة عدن ليعملها ويحفظها. (8)
وفي التكوين البابلي: كان مفترضا أن تتم عملية الخلق بالكلمة الخالقة للإله مردوخ، ومع ذلك كان الخلق يتم دائما بالصنعة اليدوية.
وفي التكوين التوراتي: كان الإله ينطق الكلمة الخالقة (ويبدو أنه كان لا يحدث شيء بالمرة عند نطقها)، لذلك كان الإله يضطر دائما إلى صناعة الشيء المراد خلقه بالعمل اليدوي.
نامعلوم صفحہ