قصة الخلق: منابع سفر التكوين
قصة الخلق: منابع سفر التكوين
اصناف
5
بل ويعلمنا «فرانكفورت
Frankfort » أن كل شيء كان ملكية جماعية، حتى أدوات الفلاحة والبهائم.
6
ومع مرور الزمن، في بيئة طبيعية متقلبة لا تعرف الاستقرار، وإزاء العواصف غير المتوقعة، والفيضانات المفاجئة ارتبط هؤلاء بقوى غير منظورة، ربطوها بظواهر الطبيعة، وتمثلوها فيها، وعبدوها رغبة ورهبة، واستشعروا إزاءها التبعية التامة، لكن يبدو أن ذلك لم يكن بحد ذاته كافيا لجلب النفع من الطبيعة، أو على الأقل لدرء غضبها وكوارثها؛ ومن هنا احتاجت الأمور إلى تكاتف القوى البشرية مع القوى الإلهية، عن طريق وسيط بشري، يتسم بمواصفات رأوها آنذاك علامات لصلة جيدة بالآلهة، فكان هذا الوسيط هو الوساطة الناجعة مع الآلهة، فكان ذلك هو الشكل الرئاسي البدائي لإدارة شئون الجماعة، بقصد تقليل أخطار الطبيعة وجلب نفعها، عن طريق إدارة شئون العمل البشري الفعلي المتكاتف ، في تنظيم أمور الري والزراعة، والتخفيف من نتائج الكوارث وتنظيم القدرات في مواجهتها، وفي الوقت نفسه يتم ذلك بعلاقة الوسيط مع الآلهة، التي توحي له بأفضل السبل لتوقي أخطار كانت هي اليد الفاعلة فيها!
ومن ثم تقاربت الجماعات لتشكل مجتمعا متحدا إزاء الطبيعة، وتخضع لهيئة إدارية من المتصلين بالآلهة، لتمثيل المشترك أمامها. وقد كون هؤلاء فئة متميزة وجهازا متراتبا، يعلوه شخص كفء، كحاكم مفوض من قبل المشترك، ومسئول أول أمام أعضاء المشترك وأمام الآلهة في آن واحد.
ويبدو أن الأمر قد بدأ بنوع من التفويض المؤقت لفرد «أصبح يختار له معاونين فيما بعد» من قبل أفراد المشترك جميعا، والذين كانوا يشكلون مجتمعا ديمقراطيا بدائيا، يمكن تصوره على هيئة مجلس عام. ويؤكد لنا «هنري فرانكفورت
H. Frankfort » أنه عندما ظهرت الكتابة، وجدنا إشارات لمجلسين هما: المجلس العام ومجلس الكبار،
7
ومن ثم تفرغ هذا الفرد ومعاونوه من العمل البدائي، وركزوا جهودهم الذهنية في التعامل مع الآلهة وقدراتها الطبيعية، بمحاولة قراءة هذه القدرات الظاهرة والتنبؤ المستطاع بفعلها المستقبلي للمحافظة على نظم الري، وتلافي أو مواجهة مشاكل قد تنتج عن تقلب المزاج الإلهي في الطبيعة، أو لمواجهة حروب طارئة مع مشتركات مجاورة تحتاج إلى نشاط سريع وحاسم.
نامعلوم صفحہ