مصطفى كامل باشا
لا أريد أن أطيل القول في مصطفى كامل، فحياته معروفة مشهورة، ولكني أقول موجزا:
إن مصطفى كامل كان شعاره الوطنية، ووسيلته الوطنية، وغرضه الوطنية، وكلماته الوطنية، وكتابته الوطنية، وحياته الوطنية، حتى لبسها ولبسته، فصار بينهما التلازم الذهني والعرفي، فإذا ذكرت مصطفى كامل بخير، فإنما تطري الوطنية، وإذا قلت: الوطنية، فإن أول ما يتمثل في خيالك شخص مصطفى كامل، كأنما هو والوطنية شيء واحد!
ولقد تمثل ذلك يوم وفاته في هذه المظاهرة التي لم نعرف لها في ذلك الزمان مثيلا؛ فقد اشترك جميع أفراد الأمة في أمر واحد، على رأي واحد، بصورة واحدة مع اختلافهم فيما عداه.
كل هذا دل على أن الشعور الذي قادهم ليس مذهبا سياسيا، ولا طريقة من طرائق المنازعة السياسية، بل هو أعلى من ذلك؛ هو التضامن القومي، والجامعة الوطنية.
إن مصطفى كامل كان تمثال الوطنية، ولقد دعوت في اليوم التالي لوفاته على صفحات الجريدة إلى إقامة تمثال له يشهد بالاعتداد بفضله في عمله، وتخليدا لذكره، واعترافا من الأمة لكل عامل يقف نفسه على خدمتها، وتجسد لهذه الروح الطاهرة.
وقد شاعت هذه الفكرة بين جميع الطبقات، وفتحنا الاكتتاب على صفحات «الجريدة» وتكلفنا بالقيام بهذا العمل، ولو أننا لم نكن من حزبه السياسي؛ لأن مصطفى كان مصريا لجميع المصريين.
قاسم أمين بك
كان قاسم أمين من أصل كردي؛ لأن جده أمير من أمراء الأكراد، أخذ ابنه رهينة في الأستانة لخلاف كان بين الأكراد وبين الدولة العثمانية، وكان ذلك الرهينة هو المرحوم أمين بك والد قاسم بك، فجيء به إلى مصر في زمن إسماعيل باشا، ودخل في الجيش المصري، حتى رقي إلى رتبة أميرالاي، وتزوج بكريمة المرحوم أحمد بك خطاب فكان أكبر أولاده قاسم.
ربي قاسم بك التربية المعتادة لأمثاله في مدارس الحكومة، وكان ممتازا دائما بجده وحدة ذهنه وقوة ذكائه، فلما أتم دراسته بمصر أرسل في بعثة إلى فرنسا، فأتم دروس الحقوق ودخل خدمة الحكومة في سنة 1885 وكيلا للنائب العمومي في محكمة مصر المختلطة، ثم لم يبق بها غير عامين حتى عين مندوبا بقلم قضايا الحكومة بنظارة المالية، ثم عين بعد أشهر رئيسا لنيابة بني سويف، ثم لنيابة طنطا ثم نائب قاض، فمستشارا في الاستئناف.
نامعلوم صفحہ