وبعبارة أخرى اعترفت فرنسا بالاحتلال الإنجليزي لمصر، وتركت لإنجلترا حرية أكثر مما كان لها في الشئون المصرية، وكان من نتيجة ذلك أن انهار أمل المصريين في فرنسا، وتحققوا أنه لا يمكن الاعتماد عليها، ولا على أية دولة في المسألة المصرية، وأن على مصر أن تعتمد على نفسها في المطالبة بالحرية والاستقلال.
تأليف شركة «الجريدة»
تبادلنا الرأي نحن المجتمعين في هذا الموقف، ووضعنا الخطة التي نسير عليها، وعينا المبادئ التي تقوم عليها جريدة حرة مستقلة غير متصلة بسراي الخديو، ولا بالوكالة البريطانية، وأخذنا نسعى في إقناع أصدقائنا ومعارفنا من أعيان البلاد، وألفنا في بيت محمود باشا سليمان شركة «الجريدة»، وانتخبت أنا مديرا لها ورئيسا لتحريرها لمدة عشر سنوات.
وكان رئيس الشركة محمود باشا سليمان، ووكيلها حسن باشا عبد الرازق الكبير.
وبعد تأليف هذه الشركة أخذت الجرائد المتصلة بالخديو عباس تتهمنا بأننا متصلون بالإنجليز، وأننا نمالئهم ضد الخديو، وقد كان لهم عذر في هذا الاتهام؛ لأنه كان بين شركائنا في «الجريدة» - عدا الأعيان - طائفة من كبار الموظفين المصريين في الوقت الذي سيطر فيه الإنجليز على الحكومة، ومن هؤلاء أحمد فتحي زغلول باشا رئيس محكمة مصر ، وأحمد عفيفي باشا المستشار بالاستئناف، وعبد الخالق ثروت باشا عضو لجنة المراقبة وصاحب الأثر الكبير في وزارة العدل.
ومن الطريف أن كانت هناك جريدة يصدرها وقتئذ حافظ عوض باسم «خيال الظل» فنشرت أبياتا ينسبها بعضهم إلى أحمد شوقي جاء فيها:
ما في «الجريدة» من نرجيه سوى «لطفي» فردوه لنا وكلوها!
وقد بقيت هذه التهمة عالقة بالجريدة حتى ظهرت بعد ستة أشهر من تأليف الشركاء في 9 مارس سنة 1907.
وقد افتتحتها بمقال تضمن أغراضها ومبادئها، جاء فيه:
ما الجريدة إلا صحيفة مصرية، شعارها الاعتدال الصريح، ومراميها إرشاد الأمة المصرية إلى أسباب الرقي الصحيح، والحض على الأخذ بها، وإخلاص النصح للحكومة والأمة بتبيين ما هو خير وأولى، تنقد أعمال الأفراد وأعمال الحكومة بحرية تامة، أساسها حسن الظن من غير تعرض للموظفين والأفراد في أشخاصهم وأعمالهم التي لا مساس لها بجسم الكل الذي لا ينقسم، وهو الأمة.
نامعلوم صفحہ