103

قصة الفلسفة الحديثة

قصة الفلسفة الحديثة

اصناف

كان القصد من دراسة ما وراء الطبيعة في مراحل تاريخ الفكر كلها هو محاولة الكشف عن طبيعة الحقيقة النهائية، ولكن ها هم الناس قد أيقنوا في القرن التاسع عشر أنه يستحيل على الإنسان أن يصادف الحقيقة فيما يصادف في حياته من خبرة وتجربة، وعرفوا أن الحقيقة هي معنى نتصوره، ولكنا لا نعرفه، وأن جبابرة العقول التي شهدتها الإنسانية فيما مضى لم تستطع أن تعدو الظواهر، وعجزت عجزا تاما عن أن تنفذ إلى الجوهر واللباب، ولقد شهدنا كيف أسرف «فخته» و«شلنج» و«هجل» في بحوثهم الميتافيزيقية إسرافا شديدا، وجاء كل منهم ينسخ الآخر، فكانت نتيجة دراستهم في النهاية صفرا، ولبث الكون بعد كل ما تجشموه من إعنات الفكر يحتفظ بسره المكنون، شهد العقل الأوروبي هذا التطرف في الفكر المجرد، فلم يسعه إلا أن يحدث رد فعل، وأن يقفز من النقيض إلى النقيض، فوقف من كل ضروب الميتافيزيقا موقف المقت والعداء.

هربرت سبنسر.

وكان طبيعيا أن ينشأ بين الفرنسيين الذين عرفوا بالشك من يؤسس الحركة «الإيجابية أو الواقعية أو اليقينية»

(لأن طول الشك قد ينتهي باليقين)، وهو «أوجست كومت»

Auguste Comte

الذي ولد في مونبلييه

Monpellie

عام 1798م، وكان معبوده أيام صباه هو «بنيامين فرانكلين

Benjamin Franklin » الذي كان يسميه «سقراط» الحديث، والذي قال عنه: «إنه رسم الخطة وهو في الخامسة والعشرين ليكون حكيما كامل الحكمة، وأنه أنجز لنفسه ما وعد، ولقد جازفت فتصديت للعزيمة نفسها، ولو أنني لم أبلغ العشرين بعد.» وقد استهل حياته العملية استهلالا يعاونه على أداء ما اعتزم، فنصب كاتما للسر لكاتب المدينة الفاضلة العظيم «سانت سيمون»

St. Simon

نامعلوم صفحہ